للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيش المكتفي، فالتقاهم بقرب حمص، فكسروه، وأسر خلق من جنده، وركب هو وابن عمّه الملقّب بالمدّثر، وآخر، فاخترقوا ثلاثتهم البريّة، فمرّوا بداليّة بن طوق، فأنكرهم، وإلى تلك الناحية فقرّرهم، فاعترف صاحب الشامة، فحملهم إلى المكتفي، فقتلهم وأحرقهم [١] .

وقام بأمر القرامطة بعدهم أخوهما أبو الفضل، وسار إلى أذرعات [٢] وبصرى من حوران، والبثنيّة [٣] من أعمال دمشق، فخرج إليه السلطان حمدان بن حمدون التغلبي، فهزمه القرمطي، وسار إلى هيت وحرّقها بالنّار بعد قتل أهلها، ورجع إلى ناحية البر، فأنفذ المكتفي جيشا عظيما، فخاف أصحاب القرمطي إحاطة الجيوش بهم، فقتله رجل منهم يعرف بأبي الذّيب غيلة، وحمل رأسه إلى المكتفي، ثم خرج بعدهم من القرامطة زكرويه بن مهرويه، وقيل: هو أبو من تقدّم ذكره، وعاث في البلاد فأكثر فيها الفساد، وقتل ثلاثة ركوب راجعة من الحج، وبلغ عدد المقتولين منهم خمسين ألفا.

وقيل: إن هذا العدد في الركب الثالث وحده. وخذلهم الله على يدي وصيف بن صول الجزري، وأسر زكرويه جريحا، ومات من الغد، وحمل رأسه إلى المكتفي ببغداد.

وفيها توفي علّامة الأدب أبو العبّاس، ثعلب، أحمد بن يحيى بن يزيد الشيبانيّ مولاهم العبسيّ البغداديّ، شيخ اللغة والعربية. حدّث عن غير واحد، وعنه غير واحد، منهم الأخفش الصغير. وسمع من القواريري مائة ألف حديث، فهو من المكثرين، وسيرته في الدّين والصلاح مشهورة. قاله ابن ناصر الدّين.


[١] في «العبر» : «وحرّقهم» .
[٢] وهي المعروفة الآن ب «درعا» مدينة كبيرة تبعد عن دمشق قرابة (١١٠) كم من جهة الجنوب.
انظر خبرها في «معجم البلدان» لياقوت (١/ ١٣٠- ١٣١) .
[٣] انظر خبرها في «معجم ما استعجم» للبكري (١/ ٢٢٦) ، و «معجم البلدان» لياقوت (١/ ٣٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>