للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكاتبونه من الهند بالمغيث، ومن بلاد التّرك بالمقيت، لبعد الدّيار [١] عن الإيمان. وأما البلاد القريبة فكانوا يكاتبونه من خراسان بأبي عبد الله الزاهد، ومن خوزستان [٢] بالشيخ حلّاج الأسرار، وسمّاه أشياعه ببغداد المصطلم، وبالبصرة المحير [٣] ، ثم سكن بغداد في حدود الثلاثمائة وقبلها، واشترى أملاكا [٤] وبنى دارا، وأخذ يدعو النّاس إلى أمور، فقامت عليه الكبار، ووقع بينه وبين الشّبلي، والفقيه محمد بن داود الظاهري، والوزير علي بن عيسى، الذي كان في وزارته، كابن هبيرة في وزارته، علما، ودينا، وعدلا، فقال ناس: ساحر فأصابوا، وقال ناس: به مسّ من الجن، فما أبعدوا، لأن الذي كان يصدر منه لا يصدر من عاقل، إذ ذلك موجب حتفه، أو هو كالمصروع أو المصاب، الذي يخبر بالمغيّبات، ولا يتعاطى بذلك حالا، ولا أنّ ذلك من قبيل الوحي ولا الكرامات. وقال ناس من الأغتام [٥] : بل هذا رجل عارف، وليّ لله، صاحب كرامات، فليقل ما شاء، فجهلوا من وجهين أحدهما أنه وليّ، والثاني أن الولي يقول ما شاء، فلن يقول إلا الحق، وهذه بليّة عظيمة، ومرضة مزمنة، أعيا الأطباء داؤها [٦] ، وراج بهرجها، وعزّ ناقدها، والله المستعان.

قال أحمد بن يوسف التنوخي الأزرق: كان الحلّاج يدعو كل وقت إلى شيء، على حسب ما يستبله طائفة.


[١] في الأصل، والمطبوع: «لبعد الدار» وأثبت ما في «العبر» (٢/ ١٤٤) .
[٢] تصحفت في المطبوع إلى «خوزستان» .
[٣] كذا في الأصل والمطبوع و «البداية والنهاية» (١١/ ١٣٣) : «المحير» وفي «العبر» : «المجير» .
[٤] قوله «واشترى أملاكا» لم يرد في «العبر» للذهبي.
[٥] قال ابن منظور: الغتمة: عجمة في المنطق. ورجل أغتم وغتميّ: لا يفصح شيئا. «لسان العرب» (غتم) .
[٦] في «العبر» : «دواؤها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>