للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاجب، فوثبوا على القاهر، فقام مرعوبا وهرب، فتبعوه إلى السّطح، وبيده سيف، فقالوا: انزل، فأبى، فقالوا: نحن عبيدك، فلم تستوحش منّا، فلم ينزل، ففوّق واحد منهم سهما وقال: انزل وإلا قتلتك، فنزل، فقبضوا عليه في جمادى الآخرة، وأخرجوا محمد بن المقتدر ولقّبوه الراضي بالله ووزر ابن مقلة.

قال الصولي: كان القاهر أهوج سفّاكا للدماء، قبيح السيرة، كثير الاستحالة، مدمن الخمر، كان له حربة يحملها، فلا يضعها حتّى يقتل إنسانا، ولولا جودة حاجبه سلامة لأهلك الحرث والنسل، وستأتي بقية ترجمته عند ذكر وفاته في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة [١] إن شاء الله تعالى.

وفيها هلك مرداويج الدّيلمي بأصبهان، وكان قد عظم سلطانه، وتحدثوا أنه يريد قصد بغداد، وكان له ميل إلى المجوس، وأساء إلى أصحابه، فتواطؤا على قتله في الحمام، وبعث الراضي بالعهد إلى علي بن بويه على البلاد التي استولى عليها، والتزم بحمل ثمانية آلاف ألف درهم في العام.

وفيها اشتهر محمد بن علي الشّلمغاني ببغداد، وشاع أنه يدّعي الإلهية، وأنه يحيي الموتى، وكثر أتباعه، فأحضره ابن مقلة عند الراضي بالله، فسمع كلامه، وأنكر الإلهيّة، وقال: إن لم تنزل العقوبة بعد ثلاثة أيام وأكثره تسعة أيام، وإلّا فدمي حلال، وكان هذا الشقي قد أظهر الرفض، ثم قال بالتناسخ والحلول، ومخرق على الجهّال، وضلّ به طائفة، وأظهر شأنه الحسين بن روح زعيم الرافضة، فلما طلب هرب إلى الموصل، وغاب سنين ثم عاد وادعى الإلهيّة، فتبعه فيما قيل الذي وزر للمقتدر، الحسين بن الوزير القاسم ابن الوزير عبيد الله بن وهب، وابنا بسطام، وإبراهيم بن أبي عون، فلما قبض عليه ابن مقلة كبس بيته فوجد فيه رقاعا وكتبا مما قيل عنه يخاطبونه في


[١] انظر ص (٢٠٨- ٢٠٩) من هذا المجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>