للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السّلمي [١] : سمعت أبا بكر الرّازي يقول: سمعت أبا سعيد بن الأعرابي يقول بمكة: ثبت الوعد والوعيد عن الله تعالى. فإذا كان الوعد قبل الوعيد، فالوعيد تهديد، وإذا كان الوعيد قبل الوعد، فالوعيد منسوخ، وإذا اجتمعا معا، فالغلبة والثبات للوعد، فالوعد حقّ العبد، والوعيد حق الله تعالى، والكريم يتغافل عن حقه ولا يهمل ولا يترك ما عليه.

وقال: إن الله تعالى طيّب الدّنيا للعارفين بالخروج منها، وطيب الجنة لأهلها بالخلود فيها، فلو قيل للعارف: إنك تبقى في الدّنيا لمات كمدا، ولو قيل لأهل الجنة: إنكم تخرجون منها لماتوا كمدا، فطابت الدّنيا بذكر الخروج، وطابت الآخرة بذكر الخلود [فيها] .

وقال: اشتغالك بنفسك يقطعك عن عبادة ربّك، واشتغالك بهموم الدّنيا يقطعك عن هموم الآخرة، واشتغالك بمداراة الخلق يقطعك عن الخالق، ولا عبد أعجز من عبد نسي فضل ربه، وعدّ عليه تسبيحه وتكبيره، الذي هو [٢] إلى الحياء منه أقرب من طلب ثواب عليه، أو افتخار به.

وقال الذهبي: وكان شيخ الحرم في وقته، سندا، وعلما، وزهدا، وعبادة، وتسليكا، وجمع كتاب «طبقات النّسّاك» وكتاب «تاريخ البصرة» وصنّف في شرف الفقر، وفي التصوف.

ومن كلامه: أخسر الخاسرين، من أبدى للناس صالح أعماله، وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد. انتهى ما أورده السخاوي ملخصا.

وفيها أبو إسحاق المروزي، إبراهيم بن أحمد، شيخ الشافعية، وصاحب ابن سريج، وذو التصانيف. انتهت إليه رئاسة مذهب الشافعي ببغداد، وانتقل في آخر عمره إلى مصر، فمات في رجب، ودفن عند ضريح الشافعي رضي الله عنهما.


[١] انظر «طبقات الصوفية» للسلمي (٤٢٨- ٤٢٩) .
[٢] في الأصل والمطبوع: «التي هي» والتصحيح من «طبقات الصوفية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>