للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيختصمان، ويحلف أحدهما لا يكلّم الآخر أياما، ثم يصطلحان، فمات أحدهما قبل الآخر، فلحق الحيّ الغمّ من نتن الرائحة، فمات. قاله في «الشذور» [١] .

وفيها توفي الوزير المهلّبي، أبو محمد الحسن بن محمد الأزدي، من ذرية المهلّب بن أبي صفرة، وزير معز الدولة بن بويه. كان من رجال الدّهر حزما، وعزما، وسؤددا، وعقلا، وشهامة، ورأيا. توفي في شعبان، وقد نيّف على الستين، وكان فاضلا، شاعرا، فصيحا، حليما، جوادا، صادر معز الدولة أولاده من بعده، ثم استوزر أبا الفضل بن الحسين [٢] الشيرازي واسمه العباس.

قال ابن خلّكان [٣] : وكان الوزير المهلّبي قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من الضرورة والضائقة، وكان قد سافر مرّة، ولقي في سفره مشقة صعبة، واشتهى اللّحم فلم يقدر عليه، فقال ارتجالا:

ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه

ألا موت لذيذ الطّعم يأتي ... يخلّصني من العيش الكريه

إذا أبصرت قبرا من بعيد ... وددت بأنّني مما يليه

ألا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه

وكان معه رفيق يقال له: أبو عبد الله الصوفي، وقيل: أبو الحسن العسقلاني، فلما سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحما وطبخه وأطعمه، وتفارقا. وتنقلت بالمهلّبي الأحوال، وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة، وضاقت الأحوال برفيقه في السفر الذي اشترى له اللحم، وبلغه وزارة


[١] وانظر الخبر برواية أخرى أكثر تفصيلا في «المنتظم» (٧/ ١٦- ١٧) و «النجوم الزاهرة» (٣/ ٣٣٤- ٣٣٥) .
[٢] تحرّفت في «العبر» إلى «الحسن» فتصحح فيه. وانظر «الكامل في التاريخ» (٨/ ٥٤٧) .
[٣] في «وفيات الأعيان» (٢/ ١٢٤- ١٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>