للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن خلّكان [١] : كان إمام وقته في علم النحو، ودار البلاد، وأقام بحلب عند سيف الدولة بن حمدان مدة، وكان قدومه في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وجرت بينه وبين أبي الطيب المتنبي مجالس، ثم انتقل إلى بلاد فارس، وصحب عضد الدولة بن بويه، وتقدم عنده، وعلت منزلته، حتّى قال عضد الدولة: أنا غلام أبي علي في النحو، وصنّف له كتاب «الإيضاح» و «التكملة» .

ويحكى أنه كان يوما في ميدان شيراز، يساير عضد الدولة، فقال له:

لم انتصب المستثنى في قولنا: قام القوم إلا زيدا؟ فقال الشيخ: بفعل مقدّر، فقال له: كيف تقديره؟ فقال: أستثني زيدا، فقال له عضد الدولة: هلّا رفعته وقدّرت امتنع زيد؟ فانقطع الشيخ وقال: هذا الجواب ميداني، ثم إنه لما رجع إلى منزله وضع في ذلك كلاما وحمله إليه، فاستحسنه، وذكر في كتاب «الإيضاح» أنه [انتصب] بالفعل المتقدم بتقوية إلا.

وحكى أبو القاسم بن أحمد الأندلسي قال: جرى ذكر الشعر بحضرة أبي علي وأنا حاضر، فقال: إني لأغبطكم على قول الشعر، فإن خاطري لا يوافقني على قوله، مع تحقيقي العلوم التي هي من مواده، فقال له رجل:

فما قلت قطّ شيئا منه؟ قال: ما أعلم أن لي شعرا إلا ثلاثة أبيات في المشيب [٢] وهي قولي:

خضبت الشّيب لمّا كان عيبا ... وخضب الشّيب أولى أن يعابا

ولم أخضب مخافة هجر خلّ ... ولا عيبا خشيت ولا عتابا

ولكنّ المشيب بدا ذميما ... فصيّرت الخضاب له عقابا

وقيل: إن السبب في استشهاده في باب كان من كتاب «الإيضاح» ببيت


[١] انظر «وفيات الأعيان» (٢/ ٨٠- ٨٢) .
[٢] في «وفيات الأعيان» : «في الشيب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>