للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مملكته منها إلّا القليل، وأبطل الفقّاع [١] ، والملوخية، والسمك الذي لا فلوس له [٢] ، وأتى بمن باع ذلك سرّا فقتلهم، ونهى عن بيع الرّطب، ثم جمع منه شيئا عظيما وحرقه، وأباد أكثر الكروم، وشدّد في الخمر، وألزم [أهل] [٣] الذّمة بحمل الصّلبان والقرامي في أعناقهم كما قدّمناه، وأمرهم بلبس العمائم السود، وهدم الكنائس، ونهى عن تقبيل الأرض له ديانة منه، وأمر بالسلام فقط، وأمر الفقهاء ببث [مذهب] مالك [٤] ، واتخذ له مالكيين يفقهانه، ثم ذبحهما صبرا، ثم نفى المنجّمين من بلاده، وحرّم على النساء الخروج، فما زلن ممنوعات سبع سنين وسبعة أشهر، حتّى قتل، ثم تزهّد وتألّه ولبس الصوف، وبقي يركب حمارا، ويمرّ وحده في الأسواق، ويقيم الحسبة بنفسه، ويقال: إنه أراد [أن] يدّعي الإلهية كفرعون، وشرع في ذلك، فخوّفه خواصه من زوال دولته فانتهى، وكان المسلمون و [أهل] الذّمة في ويل وبلاء شديد معه.

قال ابن خلّكان [٥] : والحاكم المذكور هو الذي بنى الجامع الكبير بالقاهرة، بعد أن شرع فيه والده، فأكمله هو، وبنى جامع راشدة بظاهر مصر، وكان المتولّي بناءه الحافظ عبد الغني بن سعيد، والمصحّح لقبلته ابن يونس المنجم، وأنشأ عدة مساجد بالقرافة [وغيرها] وحمل إلى الجامع من المصاحف والآلات الفضية والستور والحصر ما له قيمة طائلة.

وكان يفعل الشيء وينقضه.


[١] الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، يخمّر حتى تعلوه فقّاعاته. انظر «المعجم الوسيط» (فقع) وراجع «تاج العروس» (فقع) .
[٢] جاء في «تاج العروس» (فلس) : شيء مفلس اللون كمعظّم، إذا كان على جلده لمع كالفلوس.
[٣] سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «العبر» .
[٤] في «آ» و «ط» : «ببث ذلك» والتصحيح من «العبر» وما بين حاصرتين مستدرك منه.
[٥] انظر «وفيات الأعيان» (٥/ ٢٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>