للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطيب [١] : كان أحمد الزهاد، ومن عباد الله الصالحين، يقرئ ويحدّث، ولا يخرج [من بيته] إلّا إلى الصلاة، وعاش اثنتين وثمانين سنة، توفي في شعبان، وغلّقت جميع بغداد يوم دفنه، ولم أر جمعا أعظم من ذلك الجمع.

وقال المناوي في «طبقات الأولياء» : أخذ النحو عن ابن جنّي، وكان شافعيا، تفقّه على الدّاركي، وسمع حديثا كثيرا، ومن كراماته أنّه سمع الشاة تذكر الله تعالى، تقول: لا إله إلّا الله، وكان يتوضأ للعصر، فقال لجماعته:

لا تخرج هذه الشاة غدا للمرعى، فأصبحت ميتة.

وقال بعضهم: مضيت لزيارة قبره، فحصل ما يذكر الناس عنه من الكرامات، فقلت: ترى أيش منزلته عند الله، وعلى قبره مصحف، ففتحته، فإذا في أول ورقة منه وَجِيهاً في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ٣: ٤٥ [آل عمران: ٣] .

وقال الماوردي: صلّيت خلفه، وعليه ثوب مطرز، فقلت في قلبي:

أين المطرز من الزهد، فلما قضى صلاته قال: سبحان الله، المطرز لا ينقص أحكام الزهد، وكرره ثلاثا.

وقال ابن هبة: صليت خلفه العشاء بالحربية، فخرج وأنا معه بالقنديل بين يديه، فإذا أنا بموضع أطواف به مع جماعة، ثم عدنا إلى الحربية قبل الفجر، فأقسمت عليه أين كنّا قال: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ ٤٣: ٥٩ [الزّخرف: ٥٩] ذلك البيت الحرام، وله حكايات كثيرة تدل على أن الله أكرمه بطيّ الأرض.

وقال ابن الدلّال: كنت أقرأ على ابن فضلان، فقال- وقد جرى ذكر كرامات القزويني-: لا تعتقد أنّ أحدا يعلم ما في قلبك، فخرجت فدخلت


[١] انظر «تاريخ بغداد» (١٢/ ٤٣) وقد نقل المؤلف كلامه عن «العبر» للذهبي وهو بدوره نقل عن «تاريخ بغداد» بتصرف، وما بين حاصرتين زيادة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>