للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البغدادي، الحنبلي، الفقيه، الواعظ، ريحانة البغداديين.

ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وسمع من ابن غيلان، والخلّال، والجوهري، والأزجي، وغيرهم.

وكان فقيها مفتيا واعظا بليغا فصيحا، له قبول تام، وجواب سريع، وخاطر حاد، وذهن بغداديّ، وكان يضرب به المثل في حدة الخاطر، وسرعة الجواب بالمجون، وطيب الخلق، وله كلمات في الوعظ حسنة، ورسائل مستحسنة، وجمهور وعظه [١] حكايات السلف، وكان يحصل بوعظه نفع كثير [٢] ، وكان في زمن أبي علي بن الوليد شيخ المعتزلة، يجلس في مجلسه، ويلعن المعتزلة.

وخرج مرة فلقي مغنية قد خرجت من عند تركي، فقبض على عودها، وقطّع أوتاره، فعادت إلى التّركي فأخبرته، فبعث من كبس دار أبي سعد وأفلت هو، فاجتمع بسبب ذلك الحنابلة، وطلبوا من الخليفة إزالة المنكرات كلها، فأذن لهم في ذلك.

وكان أبو سعد يعظ بحضرة الخليفة [المستظهر] والملوك، ووعظ يوما نظام الملك الوزير بجامع المهدي، فقال من جملة ما قال: لما تقلدت أمور البلاد وملكت أزمّة العباد، اتخذت الأبواب والبواب، والحجاب والحجّاب، ليصدّوا عنك القاصد، ويردّوا عنك الوافد؟ فاعمر قبرك كما عمّرت قصرك، وانتهز الفرصة ما دام الدهر [أمّرك، فلا تعتذر، فما ثمّ من] يقبل عذرك.

وهذا ملك الهند، وهو عابد صنم، ذهب سمعه، فقال: ما حسرتي (١٩/ ٤٥١) و «ذيل طبقات الحنابلة» (١/ ١٠٧) .


[١] يعني ومعظم وعظه.
[٢] في «آ» و «ط» : «كبير» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف، وقد نقل عنه بتصرف، وما بين حاصرتين في الترجمة مستدرك منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>