للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بستة أيام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يقول له: «سيصل هذا الأمر إليك فاقتف بي» فلقب المقتفي لأمر الله.

وبعث السلطان مسعود [١] بعد أن أظهر العدل ومهد بغداد، فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دوابّ وأثاث وذهب وستور وسرادق، ولم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس وثمانية أبغال برسم الماء، فيقال: إنهم بايعوا المقتفي على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر.

وكان صاحب سياسة، جدد معالم الإمامة، ومهّد رسوم الخلافة، وباشر الأمور بنفسه، وغزا غير مرّة، وامتدت أيامه.

وقال أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي في كتاب «المناقب العباسية» : كانت أيام المقتفي نضرة بالعدل، زهرة بفعل الخيرات، وكان على قدم من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه، وكان في أول أمره متشاغلا بالدّين، ونسخ العلوم، وقراءة القرآن، ولم ير مع سماحته ولين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة، في شهامته وصرامته وشجاعته، مع ما خص به من زهده وورعه وعبادته، ولم تزل جيوشه منصورة حيث يممت.

وقال ابن الجوزي: من أيام المقتفي عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء، ولم يبق لها منازع، وقبل ذلك من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلبين من الملوك وليس للخليفة معهم إلّا اسم الخلافة. ومن سلاطين دولته السلطان سنجر صاحب خراسان، والسلطان نور الدّين الشهيد محمود صاحب الشام، وكان شجاعا كريما، محبا للحديث وسماعه، معتنيا بالعلم، مكرما لأهله. ولما دعا المقتفي الإمام أبا منصور بن الجواليقي النحوي ليجعله إماما يصلي به، دخل عليه فما زاد على أن قال: السلام على


[١] في «آ» و «ط» : «السلطان محمود» والتصحيح من «تاريخ الحلفاء» وانظر «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ٤٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>