للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما خاتون بنت أنر زوجة الملك نور الدّين، فتأخرت، ولها مدرسة بدمشق وخانقاه معروفة على نهر بانياس [١] .

وفيها عبد الرحمن بن سالم التّنوخي، الواعظ، اجتمعت له الفصاحة والصباحة، ومواعظه مبكية مضحكة، وكلماته بالوعد والوعيد مهلكة، إذا وعظ كانت عباراته أرق من عبرات الباكين، وإذا أنشد كانت غرره مثل ثغور الضاحكين، فهو كما قال الحريري يقرّع الأسماع بزواجر وعظه، ويطبع الأسجاع بجواهر لفظه، وكان شحاذا حوّاشا قلما يخلو شركه من صيد، حتّى لو رآه الحريري لم يذكر أبا زيد.

أنشد في عزاء صدر الدّين إسماعيل شيخ الشيوخ ببغداد:

يا أخلّائي وحقّكم ... ما بقا من بعدكم فرح

أيّ صدر في الزّمان لنا ... بعد صدر الدّين ينشرح

قال ابن عساكر: كان أبوه منجما، وكان عبد الرحمن ينشد الشعر في الأسواق، خرج إلى بغداد وأظهر الزهد وعاد إلى دمشق، وصعد إليه على المنبر طفل فأمده على يديه وقال:

هذا صغير ما جنى صغيرة ... فهل كبير يركب الكبائرا

فضج الناس بالبكاء، مات بدمشق، ودفن بقاسيون. قاله ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» .

وفيها أبو مروان عبد الملك بن زهر [٢] بن عبد الملك الإشبيلي، طبيب عبد المؤمن وصاحب التصانيف. أخذ عن والده وبرع في الصناعة، وهو الذي صنّف «الدرياق السبعيني» صنّفه لعبد المؤمن.


[١] في «العبر» بطبعتيه: «على نهر بأناس» .
[٢] في «آ» و «ط» : «ابن زهير» والتصحيح من «العبر» (٤/ ١٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>