للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم حجّ، وسمع بالحرمين، والكوفة، والبصرة، وهمذان، وزنجان [١] والرّيّ، والدّينور، وقزوين، وأذربيجان [٢] ، والشام، ومصر، فأكثر وأطاب، وتفقّه فأتقن مذهب الشافعي، وبرع في الأدب وجوّد القرآن بالرّوايات، واستوطن الإسكندرية بضعا وستين سنة، مكبا على الاشتغال، والمطالعة، والنسخ، وتحصيل الكتب، وقد أفردت أخباره في «جزء» وجاوز المائة بلا ريب، وإنما النزاع في مقدار الزيادة، ومكث نيفا وثمانين سنة يسمع عليه.

قال الذّهبيّ [٣] : ولا أعلم أحدا مثله في هذا.

وقال ابن عساكر [٤] : سمع السّلفيّ ممن لا يحصى، ومات يوم الجمعة بكرة خامس ربيع الآخر، وتزوّج بالإسكندرية امرأة ذات يسار، [فسلّمت إليه مالها] وحصلت له ثروة بعد فقر، وصارت له بالإسكندرية وجاهة، وبنى له العادل علي بن إسحاق بن السّلّار أمير مصر مدرسة بالإسكندرية.

وقال ابن السمعاني: هو ثقة ورع متقن متثبت حافظ فهم، له حظّ من العربية.

وفيها شمس الدولة الملك المعظم توران شاه- ومعناه ملك المشرق- بن أيوب بن شاذي، وكان أسنّ من أخيه السلطان صلاح الدّين، وكان يحترمه ويتأدّب معه، سيّره فغزا النوبة، فسبى وغنم، ثم بعثه فافتتح اليمن، وكانت بيد الخوارج الباطنية، وأقام بها ثلاث سنين، ثم اشتاق إلى طيب الشام ونضارتها، فقدم وناب بدمشق لأخيه، وكان أرسله أخوه قبل فتحه اليمن إلى بلاد الرّوم ليفتحها، فوجدها لا تساوي التعب فرجع عنها بغنائم


[١] تحرفت في «آ» إلى «زنجار» .
[٢] تكرر ذكر «زنجان» هنا مرة أخرى فحذفته.
[٣] انظر «العبر» (٤/ ٢٢٨) .
[٤] انظر «تاريخ دمشق» (٧/ ١٨٠) وقد نقل المؤلف عنه بتصرف، وما بين حاصرتين زيادة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>