للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التّميمي السّعدي، كان من سادات التّابعين، يضرب بحلمه المثل، فعن الحسن [١] قال: ما رأيت شريف قوم أفضل من الأحنف أدرك عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأسلم قومه بإشارته، ولم يفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفد على عمر، وله رواية عن عمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم، قال له معاوية: ما أذكر صفّين إلّا وكانت في قلبي حرارة، فقال الأحنف: إنّ القلوب التي أبغضناكم بها لفي صدورنا، وإنّ السيوف التي قاتلناكم بها لفي أغمادها، ثم خرج، فقالت أخت معاوية: [من] [٢] هذا؟ قال: [هذا] الذي غضب له ألف فارس من تميم لا يدرون فيما غضب، ولما بايع [٣] معاوية لولده يزيد حسّن له بعض الحاضرين ذلك فقال له معاوية: فما تقول أنت يا أبا بحر؟

فقال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت، فقال معاوية: جزاك الله من الطاعة خيرا، وأمر له بألوف، فلما خرجا قال له ذلك الرجل: إني لأعلم ذمّ يزيد، ولكنّهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال نستخرجها بما سمعت، فقال الأحنف: إنّ ذا الوجهين خليق أن لا يكون له وجه عند الله [٤] .

ونقل الإمام الطّرطوشي [٥] أن بعض الخلفاء سأل رجلا عن الأحنف ابن قيس، وعن صفاته، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين إن شئت أخبرتك عنه بواحدة، وإن شئت أخبرتك عنه بثنتين، وإن شئت أخبرتك عنه بثلاث،


[١] أي الحسن البصري رحمه الله.
[٢] لفظة «من» التي بين حاصرتين سقطت من الأصل، وأثبتناها من المطبوع.
[٣] في المطبوع: «ولما بلغ» وهو خطأ.
[٤] الخبر في «سير أعلام النبلاء» للذهبي (٤/ ٩٢) بنحوه مختصرا، وليس فيه ذكر بيعة يزيد.
[٥] هو محمد بن الوليد الفهري الطّرطوشي، أبو بكر، أحد الأئمة الكبار المتوفى سنة (٥٢٠ هـ) .
انظر ترجمته في حوادث سنة (٥٢٠) من كتابنا هذا، و «معجم البلدان» لياقوت (٤/ ٣٠، ٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>