للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأدرك الشيخ عبد القادر [١] ، فسمع منه، ومن هبة الله الدقّاق، وابن البطّي وطبقتهم، وتفقه على ابن المنّي حتّى فاق على الأقران، وحاز قصب السبق، وانتهى إليه معرفة المذهب وأصوله، وكان مع تبحّره في العلوم ويقينه، ورعا زاهدا تقيّا ربّانيا، عليه هيبة ووقار، وفيه حلم وتؤدة، وأوقاته مستغرقة للعلم والعمل، وكان يفحم الخصوم بالحجج والبراهين، ولا يتحرّج ولا ينزعج، وخصمه يصيح ويحترق.

قال الحافظ الضياء: كان تامّ القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج العينين، كأن النّور يخرج من وجهه لحسنه، واسع الجبين، طويل اللّحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، لطيف اليدين [٢] ، نحيف الجسم، إلى أن قال: رأيت الإمام أحمد في النوم فقال: ما قصّر صاحبكم الموفق في شرح «الخرقي» [٣] .

وسمعت أبا عمرو [٤] بن الصلاح المفتي يقول: ما رأيت مثل الشيخ الموفق.

وسمعت شيخنا أبا بكر بن غنيمة المفتي ببغداد يقول: ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلّا الشيخ الموفق.

قلت: جمع له الضياء ترجمة في جزءين، ثم قال: توفي في يوم عيد الفطر. قاله جميعه في «العبر» .

وذكر الناصح بن الحنبلي [٥] : أنه حجّ سنة أربع وسبعين وخمسمائة،


[١] يعني الجيلاني رحمه الله تعالى وهو عبد القادر بن موسى، وقد توفي ببغداد سنة (٥٦١) هـ.
[٢] في «آ» و «ط» : «لطيف البدن» وما أثبته في «العبر» .
[٣] يعني «مختصر الخرقي» ومعلوم أنه شرحه في كتابه العظيم «المغني» وسوف يذكر المؤلف ذلك بعد قليل.
[٤] في «ط» : «أبا عمر» وهو خطأ.
[٥] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ١٣٤) و «شذرات من كتب مفقودة» ص (١٨٦) وما بين الحاصرتين مستدركة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>