للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إن ابني يتنصّر ويتزوجها فأجابوه، فتنصّر ابنه وأقام معها، وأمر ونهى، نعوذ بالله من الخذلان. وكان الزوج يسمع عنها القبائح ويسكت، وكانت تعشق مملوكا لها، ورآها يوما في الفراش مع المملوك فأنكر ذلك، فقالت:

إن رضيت وإلّا أنت أخبر. ثم نقلته إلى قلعة وحجرت عليه، ثم سمعت بشابين مليحين، فأحضرت أحدهما وتزوجت به، وأحضرت آخر بديع الحسن من أهل كنجة، فطلبت منه أن يتنصّر للتزوج به.

وفي سلخ رمضان توفي الخليفة النّاصر لدين الله أبو العبّاس أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي الهاشمي العبّاسي [١] . بويع بالخلافة في أول ذي القعدة، سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وله ثلاث وعشرون سنة، وكان أبيض، تركيّ الوجه، أقنى الأنف، خفيف العارضين، رقيق المحاسن، فيه شهامة وإقدام، وله عقل ودهاء، وهو أطول بني العبّاس خلافة، كما أن الناصر لدين الله الأموي صاحب الأندلس أطول بني أميّة دولة، وكما أن المستنصر بالله العبيدي أطول العبيديين دولة، وكما أن السلطان سنجر بن ملكشاه أطول بني سلجوق دولة.

قال الموفّق عبد اللطيف: كان يشقّ الدّروب والأسواق أكثر الليل والناس يتهيبون لقاءه، أظهر الفتوة والبندق والحمام المناسيب في أيامه، وتفنن الأعيان والأمراء في ذلك ودخل فيه الملوك.

وقال الذهبي: وكان مستقلا [٢] بالأمور بالعراق، متمكنا من الخلافة، يتولى الأمور بنفسه، ما زال في عزّ وجلالة واستظهار وسعادة. أصابه فالج في


[١] انظر «العبر» (٥/ ٨٧- ٨٨) و «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ١٩٢) و «المختار من تاريخ ابن الجزري» ص (١٢١- ١٢٣) .
[٢] في «العبر» بطبعتيه: «مشتغلا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>