للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخير، فإن الكافر هولاكو [١] أمر به وبولده، فرفسا حتّى ماتا، وذلك في آخر المحرم. وكان الأمر أشغل من أن يوجد مؤرّخ لموته أو مواراة جسده، وبقي الوقت بلا خليفة ثلاث سنين. وكان سبب قتلهما أن المؤيد العلقمي الوزير- قاتله الله- كاتب التتار وحرّضهم على قصد بغداد لأجل ما جرى على إخوانه الرافضة من النهب والخزي، فظنّ المخذول أن الأمر يتم له، وأنه يقيم خليفة علويّا، فأرسل أخاه ومملوكه إلى هولاكو [١] ، وسهّل عليه أخذ بغداد، وطلب أن يكون نائبا له عليها، فوعدوه بالأماني، وساروا فأخذ لؤلؤ صاحب الموصل يهيئ للتتار الإقامات، ويكاتب الخليفة سرّا، فكان ابن العلقمي- قبحه الله- لا يدع تلك المكاتبات تصل إلى الخليفة، مع أنها لو وصلت لما أجدت، لأن الخليفة كان يردّ الأمر إليه، فلما تحقّق الأمر، بعث ولد محيى الدّين بن الخوارزمي رسولا إلى هولاكو [١] يعده بالأموال والغنائم، فركب هولاكو [١] في مائتي ألف من التتار والكرج، ومدد من صاحب الموصل مع ولده الصالح إسماعيل، فخرج ركن الدّين الدوادار، فالتقى بأخوايين، وكان على مقدمة هولاكو [١] ، فانكسر المسلمون، ثم سار باجو فنزل من غربي بغداد، ونزل هولاكو [١] من شرقيها، فأشار ابن العلقمي على المستعصم بالله أن أخرج إليهم في تقرير الصلح، فخرج الخبيث وتوثق لنفسه، ورجع فقال:

إن الملك قد رغب أن يزوّج ابنته بابنك الأمير أبي بكر، وأن تكون الطّاعة له كما كان أجدادك مع الملوك السلجوقية، ثم يترحل، فخرج إليه المستعصم في أعيان الدولة، ثم استدعى الوزير العلماء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه، فخرجوا فضربت رقاب الجميع، وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة وتضرب أعناقهم، حتّى بقيت الرّعية بلا راع، ثم دخلت حينئذ التتار بغداد، وبذلوا السيف، واستمر القتل والسّبي نحو أربعين يوما، ولم يسلم إلّا من


[١] في «آ» و «ط» و «تاريخ الخلفاء» : «هلاكو» .

<<  <  ج: ص:  >  >>