للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد سنة ست وستمائة، وسمع من العماد، والشيخ موفق الدّين، وأبي اليمن [١] الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وخلق. وأجاز له القاسم الصفّار وجماعة. وكان إماما في العلم والعمل، بصيرا بالمذهب، صالحا، عابدا، زاهدا، مخلصا، صاحب أحوال وكرامات، وأمر بالمعروف، قوّالا بالحقّ. وقد جمع المحدّث أبو الفداء بن الخبّاز سيرته في مجلد وحدّث وسمع منه جماعة، منهم: أبو العبّاس الحيري وهو آخر أصحابه.

توفي في تاسع عشر ربيع الأول، ودفن بسفح قاسيون، وهو والد الإمامين عزّ الدّين الفرائضي، وعزّ الدّين محمد خطيب الجامع المظفّري، رحمهم الله تعالى.

وفيها بولص الرّاهب الكاتب المعروف بالحبيس [٢] .

أقام بمغارة بجبل حلوان بقرب القاهرة [٣] فقيل: إنه وقع بكنز الحاكم صاحب مصر، فواسى منه الفقراء والمستورين من كل ملّة، واشتهر أمره وشاع ذكره، وقام عن المصادرين بجمل عظيمة مبلغها ستمائة ألف دينار، وذلك خارجا عمّا كان يصرفه للفقراء. طلبه السلطان فأحضره وتلطّف به، وطلب منه المال، فجعل يغالطه ويراوغه، فلما أعياه ضيّق عليه وعذّبه إلى أن مات ولم يقرّ بشيء، فأخرج من القلعة ميتا، ورمي على باب القرافة، وكان لا يأكل من هذا المال شيئا ولا يلبس، ولا ظهر منه شيء في تركته.

قال الذّهبيّ: وقد أفتى غير واحد بقتله خوفا على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلّهم ويغويهم.


[١] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «أبي النمر» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٢] انظر «ذيل مرآة الزّمان» (٢/ ١٨٩- ١٩٠) و «العبر» (٥/ ٢٨٤) و «مرآة الجنان» (٤/ ١٦٥- ١٦٦) وقد تحرفت «الحبيس» فيه إلى «الحنش» فتصحح.
[٣] انظر «معجم البلدان» (٢/ ٢٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>