للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّين، وخرّج لنفسه «مشيخة» وجمع «تاريخا» لنفسه. وكان فاضلا متنبّها.

وولي الخطابة بكفر بطنا [١] بضع عشرة سنة. وكان يكتب بسرعة خطّا حسنا، فكتب ما لا يوصف كثرة، يكتب في اليوم الكرّاسين والثلاثة إلى التسعة.

وكتب «تاريخ دمشق» لابن عساكر مرّتين، «والمغني» للموفق مرّات. وذكر أنه كتب بيده ألفي مجلّدة. وكان حسن الخلق والخلق، متواضعا، ديّنا. حدّث بالكثير بضعا وخمسين سنة، وانتهى إليه علوّ الإسناد. وكانت الرّحلة إليه من أقطار البلاد، وخرّج له ابن الظّاهري «مشيخة» وابن الخبّاز أخرى. وسمع منه الحفّاظ المتقدمون، كالحافظ ضياء الدّين، والزّكي البرزالي، وعمر بن الحاجب، وغيرهم. وروى عنه الأئمة الكبار، والحفّاظ المتقدمون والمتأخرون، منهم: الشيخ محيي الدّين النّووي، والشيخ شمس الدّين بن أبي عمر، وابن دقيق العيد، وابن تيميّة، وخلق، آخرهم: ابن الخبّاز. وتوفي يوم الاثنين سابع رجب، ودفن بسفح قاسيون.

وفيها ضياء الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي الأندلسي ثم المصري ثم الدمشقي [٢] الفقيه الشافعي، الإمام الحافظ المتقن المحقّق الضّابط الزّاهد الورع، شيخ النّووي. ذكره فيما ألحقه في «طبقات ابن الصّلاح» [٣] فقال: ولم تر عيني في وقته مثله، وكان- رضي الله عنه- بارعا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه، لا سيما «الصحيحان» ذا عناية


[١] كفر بطنا: قرية من قرى غوطة دمشق الشرقية ذات بساتين خضراء جميلة، أنجبت عددا من العلماء منهم مؤرخ الإسلام الحافظ الذّهبي، وسكنها معاوية بن أبي سفيان. انظر خبرها في «معجم البلدان» (٤/ ٤٦٨) .
[٢] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (٨/ ١٢٢) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (٢/ ٤٥٣) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٢/ ١٦١) .
[٣] سبق أن ذكرت من قبل بأن «طبقات الشافعية» لابن الصلاح باختصار النووي تمّ تحقيقه على يد الأستاذ محيي الدّين نجيب، وهو تحت الطبع الآن ببيروت كما ذكر لي محقّقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>