للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بقي من الجزيرة ذات الظّلّ الوريف، وثبتت [١] قدمه في بلد طريف.

وبالجملة فهذه الواقعة من الدّواهي المعضلة الداء والأرزاء [٢] التي تضعضع لها ركن الدّين بالمغرب، وقرّت بذلك عيون الأعداء. انتهى.

وممن استشهد في هذه الوقعة [٣] والد لسان الدّين ابن الخطيب، وهو عبد الله بن سعيد [بن عبد الله بن سعيد] [٤] بن علي بن أحمد السّلماني [٥] .

قال لسان الدين في «الإكليل» في حق والده هذا: إن طال الكلام، وجمحت الأقلام، كنت كما قيل: مادح نفسه يقرئك السلام، وإن أحجمت [٦] فما أسديت في الثناء ولا ألمحت، أضعت الحقوق، وخفت معاذ الله العقوق. هذا ولو أني زجرت طير البيان عن أوكاره، وجئت بعون الإحسان وأبكاره، لما قضيت حقّه بعد، ولا قلت إلّا بالذي علمت سعد. فقد كان- رحمه الله- ذمر عزم، ورجل رجاء وأزم، تروق أنوار خلاله الباهرة، وتضيء مجالس الملوك من صورتيه الباطنة والظاهرة، ذكاء يتوقّد، وطلاقة يحسد نورها الفرقد، وكانت له في الأدب فريضة، وفي النادرة العذبة منادح عريضة، تكلّمت يوما بين يديه في مسائل من الطّب، وأنشدته أبياتا من شعري ورقاعا من إنشائي، فتهلّل، وما برح أن ارتجل:

الطّبّ والشّعر والكتابة ... سماتنا في بني النّجابه

هنّ ثلاث مبلغات ... مراتبا بعضها الحجابة

ووقع لي يوما بخطّه على ظهر أبيات بعثتها إليه أعرض نمطها عليه:

وردت كما صدر النسيم بسحرة ... عن روضة جار الغرام رباها

فكأنّما هاروت أودع سحره ... فيها وآثرها به وحباها


[١] في «ط» : «وثبت» وهو خطأ.
[٢] تحرفت في «ط» إلى «الأزراء» .
[٣] في «ط» : «في هذه الواقعة» .
[٤] ما بين القوسين سقط من «آ» .
[٥] انظر «رقم الحلل» ص (١٢ و ١٦ و ١٨- ١٩) .
[٦] تحرفت في «ط» إلى «أجمحت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>