للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله أربعون سنة [١] وخلافته سنتان وستة أشهر وأيام كخلافة الصّدّيق، وكان أبيض جميلا نحيف الجسم، حسن اللحية، بجبهته أثر حافر فرس شجّه وهو صغير، فلذا كان يقال: أشجّ بني أميّة، يذكر أن في «التوراة» أشجّ بني أميّة تقتله خشية الله، حفظ القرآن في صغره، وبعثه أبوه من مصر إلى المدينة فتفقه بها حتى بلغ رتبة [٢] الاجتهاد. جده لأمه عاصم بن عمر بن الخطّاب، وذلك أن عمر خرج طائفا ذات ليلة فسمع امرأة تقول لبنيّة لها:

اخلطي الماء في اللبن، فقالت البنية: أما سمعت منادي عمر بالأمس ينهى عنه؟ فقالت: إنّ عمر لا يدري عنك، فقالت البنية: والله ما كنت لأطيعه علانية وأعصيه سرّا، فأعجب عمر عقلها، فزوجها ابنه عاصما، فهي جدة عمر بن عبد العزيز.

قال السيد الجليل رجاء بن حيوة [٣] : استشارني سليمان بن عبد الملك فيمن يعهد إليه بالخلافة، فأشرت بعمر، فقال: فكيف ببني عبد الملك؟! فقلت: اكتب العهد واختمه وبايع لمن فيه، ففعل، فلما مات كتمنا موته، ثم قلت: بايعوا لأمير المؤمنين ثانيا على السمع والطاعة لمن في الكتاب، ففعلوا، فقلت: أعظم الله أجركم في أمير المؤمنين، ثم أخرجت الكتاب


صوابح من مزن ثقالا غواديا ... دوالح دهما ماخضات دجونها
وقال الشريف الرضي:
يا بن عبد العزيز لو بكت العي ... ن فتى من أميّة لبكيتك
أنت أنقذتنا من السّبّ والشت ... م فلو أمكن الجزا لجزيتك
دير سمعان لا عدتك العوادي ... خير ميت من آل مروان ميتك
وانظر «آثار البلاد وأخبار العباد» للقزويني ص (١٩٦) .
[١] قلت: وفي «المعارف» أنه كان ابن تسع وثلاثين سنة. وفي «سير أعلام النبلاء» ، و «تاريخ الخلفاء» أنه كان ابن تسع وثلاثين سنة ونصف السنة.
[٢] في المطبوع: «مرتبة» .
[٣] في الأصل: «رجاء بن حياة» وهو تحريف، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب، وانظر ترجمته في ص (٦٤) من هذا المجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>