للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها عفيف الدّين أبو محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح شيخ الحجاز اليافعي اليمني ثم المكيّ الشافعي [١] .

ولد قبل السبعمائة بقليل، وكان من صغره تاركا لما يشتغل به الأطفال من اللّعب، فلما رأى والده آثار الفلاح عليه ظاهرة بعث به إلى عدن، فاشتغل بالعلم، وأخذ عن العلّامة أبي عبد الله البصّال وغيره، وعاد إلى بلاده، وحببت إليه الخلوة والانقطاع والسياحة في الجبال، وصحب الشيخ علي الطواشي، وهو الذي سلّكه الطريق، ثم لازم العلم، وحفظ «الحاوي الصغير» و «الجمل» للزّجاجي، ثم جاور بمكّة، وتزوج بها.

ذكره الإسنوي في «طبقاته» وختم به كتابه، وذكر له ترجمة طويلة، وقال:

كان إماما، يسترشد بعلومه ويقتدى، وعلما يستضاء بأنواره ويهتدى.

صنّف تصانيف [٢] كثيرة في أنواع العلوم، إلا أن غالبها صغير الحجم، معقود لمسائل مفردة، وكثير من تصانيفه نظم، فإنه كان يقول الشعر الحسن الكثير بغير كلفة.

ومن تصانيفه: قصيدة مشتملة على قريب من عشرين علما إلّا أن بعضها متداخل، كالتصريف مع النحو، والقوافي مع العروض، ونحو ذلك.

وكان يصرف أوقاته في وجوه البرّ وأغلبها في العلم، كثير الإيثار والصّدقة، مع الاحتياج، متواضعا مع الفقر، مترفعا عن أبناء الدّنيا، معرضا عمّا في أيديهم.

وكان نحيفا، ربعة من الرجال، مربّيا للطلبة والمريدين، ولهم به جمال وعزّة، فنعق بهم غراب التفريق، وشتّت شمل سالكي الطريق، فتنكرت [٣] طباعه، وبدت أوجاعه، فشكا من رأسه ألما، و [من] جسمه سقما، وأقام أياما قلائل.


[١] انظر «الوفيات» لابن رافع (٢/ ٣١٣- ٣١٤) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (٢/ ٥٧٩- ٥٨٣) و «ذيل العبر» لابن العراقي (١/ ٢٢٥) و «الدّرر الكامنة» (٢/ ٢٤٧- ٢٤٩) و «العقد الثمين» (٥/ ١٠٤- ١١٥) و «لحظ الألحاظ» ص (١٥٢) .
[٢] في «آ» و «ط» : «تصانيفا» .
[٣] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «سكرت» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي (٢/ ٥٨٢) مصدر المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>