للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها الحافظ صدر الدّين سليمان بن يوسف بن مفلح بن أبي الوفاء الياسوفيّ الدمشقي الشافعي [١] .

ولد سنة تسع وثلاثين تقريبا، وسمع الكثير، وعني بالحديث، واشتغل بالفنون، وحدّث، وأفاد، وخرّج، مع الخط الحسن، والدّين المتين، والفهم القوي، والمشاركة الكثيرة. أوذي في فتنة الفقهاء القائمين على الملك الظّاهر، فسجن حتّى مات في السّجن، مع أنّه صنّف في منع الخروج على الأمراء تصنيفا حسنا، وكان مشهورا بالذكاء، سريع الحفظ، دأب في الاشتغال، ولازم العماد الحسباني وغيره، وفضل في مدة يسيرة، وتنزل في المدارس، ثم تركها، وقرأ في الأصول على الإخميمي، وترافق هو وبدر الدّين بن خطيب الحديثة، فتركا الوظائف، وتزهدا، وصارا يأمران بالمعروف وينهيان عن المنكر، أوذيا بسبب ذلك مرارا، ثم حبّب إلى الصّدر الحديث، فصحب ابن رافع، وجدّ في الطلب، وأخذ عن ابن البخاري كثيرا، ورحل إلى مصر، وسمع بها من جماعة، ودرّس، وأفتى، واستمرّ على الاشتغال بالحديث يسمع ويفيد الطلبة القادمين، وينوّه بهم، مع صحّة الفهم وجودة الذّهن.

قال ابن حجي: وفي آخر أمره صار يسلك مسلك الاجتهاد، ويصرّح بتخطئة الكبار، واتفق وصول أحمد الظّاهري من بلاد الشرق، فلازمه، فمال إليه، فلما كانت كائنة تدمر مع ابن الحمصي أمر بالقبض على أحمد الظّاهري ومن ينسب إليه، فاتفق أنه وجد مع اثنين من طلبة الياسوفي فذكرا أنهما من طلبة الياسوفي، فقبض على الياسوفي، وسجن بالقلعة أحد عشر شهرا، إلى أن مات في ثالث عشر شوال.

ومن شعر الياسوفي:

ليس الطّريق سوى طريق محمّد ... فهي الصّراط المستقيم لمن سلك

من يمش في طرقاته فقد اهتدى ... سبل الرّشاد ومن يزغ عنها هلك


[١] انظر «إنباء الغمر» (٢/ ٢٦٥) و «الدّرر الكامنة» (٢/ ١٦٦) و «النجوم الزاهرة» (١١/ ٣١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>