للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد بمصر في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين، وقدم دمشق صغيرا، فنشأ عند أقاربه بالمزّة، وأحضر على جدّه، وسمع من أبيه وعمّه، وطلب الحديث بنفسه وهو صغير في حدود الأربعين، وسمع من شيوخ مصر والشام، ولازم المزّي، والذهبي، وأثني على فضائله، وحصّل الأجزاء، وتخرّج على الشيوخ، واشتغل في فنون العلم، وتوفي والده سنة تسع وثلاثين وهو صغير، فكتبت خطابة القدس باسمه، واستنيب له، ثم باشر بنفسه وهو صغير، وانقطع ببيت المقدس، ثم أضيف إليه تدريس الصّلاحية [١] بعد وفاة العلائي، ثم خطب إلى قضاء الدّيار المصرية بعد عزل أبي البقاء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وباشره بنزاهة وعفّة ومهابة وحرمة، وعزل نفسه، فسأله السلطان وترضّاه حتّى عاد، واستمرّ إلى أن عزل نفسه ثانيا في شعبان سنة سبع وسبعين، وعاد إلى القدس على وظائفه، ثم سئل في العود إلى القضاء [٢] فأعيد في صفر سنة إحدى وثمانين، فباشرها ثلاث سنين إلى أن عزل نفسه في صفر سنة أربع وثمانين، وعاد إلى القدس، ثم خطب إلى قضاء دمشق والخطابة بعد موت القاضي ولي الدّين في ذي القعدة سنة خمس وثمانين، ثم أضيف إلى مشيخة الشيوخ بعد سنة من ولايته، وقام في أمور كبار تمّت له.

قال الحافظ ابن حجر: عزل نفسه في أثناء ولايته غير مرّة ثم يسأل ويعاد، وكان محببا إلى الناس [٣] ، وإليه انتهت رئاسة العلماء في زمانه، فم يكن أحد يدانيه في سعة الصّدر، وكثرة البذل، وقيامة الحرمة، والصّدع بالحقّ، وقمع أهل الفساد، مع المشاركة الجيدة في العلوم، واقتنى من الكتب النّفيسة بخطوط مصنّفيها وغيرهم ما لم يتهيأ لغيره. انتهى.

وجمع «تفسيرا» في عشر مجلدات، وفيه غرائب وفوائد، وتوفي شبه الفجأة في شعبان ودفن بتربة أقاربه بني الرّحبي بالمزّة.


[١] تحرفت في «ط» إلى «الصالحية» .
[٢] كذا في «ط» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف: «فأعيد» وفي «آ» :
«فعاد» .
[٣] تحرفت في «ط» إلى «أناس» .

<<  <  ج: ص:  >  >>