للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم ولا عذاب. فأقبل على الظلم وإتلاف المال والشراب، والانهماك على سماع الغناء، والخلوة بالقينات [١] .

وكان ممن استولى على عقله جارية يقال لها حبابة [٢] ، وكانت تغنّيه، فلما كثر ذلك منه عزله أخوه مسلمة، وقال له: إنما مات عمر أمس، وكان من عدله ما قد علمت، فينبغي أن تظهر للنّاس العدل [٣] ، وترفض هذا اللهو، فقد اقتدى بك عمّالك [٤] في سائر أفعالك وسيرتك، فارتدع عما كان عليه، وأظهر الإقلاع والندم، وأقام على ذلك [مدّة] [٥] مديدة، فغلظ ذلك على حبابة، فبعث إلى الأحوص الشّاعر [٦] ومعبد المغنّي [٧] وقالت: انظرا ما أنتما


[١] في المطبوع: «بالقيات» وهو خطأ. والقينات: جمع قينة، وهي الأمة المغنية، وقيل: القينة: الأمة، مغنّية كانت أو غير مغنية. والقين: العبد، والجمع قيان. انظر «لسان العرب» (قين) .
[٢] انظر ترجمتها ومصادرها في «أعلام النساء» لكحالة (١/ ٢٣٢- ٢٣٥) .
[٣] في الأصل: «فينبغي أن تظهر للناس من العدل» وعبارة المطبوع التي أثبتها تتفق مع عبارة «مروج الذهب» للمسعودي (٣/ ٢٠٧) الذي ينقل عنه المؤلف.
[٤] في الأصل، والمطبوع: «فقد اقتدي بأعمالك» وما أثبته من «مروج الذهب» .
[٥] لفظة «مدة» التي بين حاصرتين سقطت من الأصل، واستدركتها من المطبوع، و «مروج الذهب» .
[٦] هو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري، من بني ضبيعة: شاعر هجاء، صافي الديباجة، من طبقة جميل بن معمر، ونصيب، كان معاصرا لجرير، والفرزدق، وهو من سكان المدينة وفد على الوليد بن عبد الملك في الشام، فأكرمه ثم بلغه عنه ما ساءه من سيرته، فردّه إلى المدينة، وأمر بجلده، فجلد، ونفي إلى «دهلك» - وهي جزيرة بين اليمن والحبشة، كان بنو أمية ينفون إليها من يسخطون عليه- فبقي فيها إلى ما بعد وفاة عمر بن عبد العزيز.
وأطلقه يزيد بن عبد الملك. فقدم الشام، فمات فيها. وكان حمّاد الرّاوية يقدمه في النسيب على شعراء زمنه. ولقب بالأحوص لضيق في مؤخر عينيه. مات سنة (١٠٥) هـ. عن «الأعلام» للزركلي (٤/ ١١٦) . وللتوسع انظر ترجمته في «شرح أبيات مغني اللبيب» للبغدادي (٥/ ١٩- ٢٠) طبع دار المأمون للتراث بدمشق، وفيه «الأحوص بن محمد بن عبد الله» ، وانظر «الأغاني» (٤/ ٢٢٤) ط دار الكتب.
[٧] هو معبد بن وهب، أبو عبّاد، المدني، نابغة الغناء العربي في العصر الأموي. كان مولى لبني مخزوم، نشأ في المدينة يرعى الغنم لمواليه، وربما اشتغل في التجارة. ولما ظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>