للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقر في مملكة الحبش بعد أخيه حقّ الدّين، فسار سيرته في جهاد الكفرة [١] ، وكانت عنده سياسة، وكسرت عساكره، وتعددت غاراته، واتسعت مملكته، حتّى وقع له مرّة أن بيع الأسرى الذين أسرهم من الحبشة كل عبدين بتفصيلة، وبلغ سهمه من بعض الغنائم أربعين ألف بقرة لم تبت عنده بقرة واحدة بل فرّقها وله في مدة ولايته وقائع وأخبار يطول ذكرها، فلما كان في هذه السنة جمع الحطي صاحب الحبشة جمعا عظيما وجهز عليه أميرا يقال له باروا، فالتقى الجمعان، فاستشهد من المسلمين جمع كثير، منهم أربعمائة شيخ من الصّلحاء أصحاب العكاكيز، وتحت يد كلّ واحد منهم عدة فقراء [٢] واستبحر القتل في المسلمين حتّى هلك أكثرهم، وانهزم من بقي، ولجأ سعد الدّين إلى جزيرة زيلع في وسط البحر، فحصروه فيها، إلى أن وصلوا إليه، فأصيب في جبهته بعد وقوعه في الماء ثلاثة أيام، فطعنوه فمات، وكانت مدة ملكه ثلاثين سنة، واستولى الكفّار على بلاد المسلمين، وخرّبوا المساجد، وبنوا بدلها الكنائس، وأسروا وسبوا ونهبوا، وفرّ أولاد سعد الدّين، وهمّ صبر الدّين علي ومعه تسعة من إخوته إلى البرّ الآخر فدخلوا مدينة زبيد، فأكرمهم النّاصر أحمد بن الأشرف وأنزلهم وأعطاهم خيولا ومالا، فتوجهوا إلى مكان يقال له سيّارة فلحق بهم بعض عساكرهم، واستمرّ صبر الدّين على طريقة أبيه وكسر عدة من جيوش الحطي وحرق عدة من الكنائس، وغنم عدة غنائم. قاله ابن حجر.

وفيها توفي شهاب الدّين أحمد بن عبد الله بن الحسن البوصيري الشافعي [٣] .

تفقه، ولازم الشيخ ولي الدّين الملوي، وبرع في الفنون، ودرّس مدة، وأفاد، وتعانى التّصوّف، وتكلّم على مصطلح المتأخرين فيه، وكان ذكيا، وسمع منه ابن حجر، ومات في جمادى الأولى.


[١] في «ط» : «الكفر» .
[٢] في «ط» : «فقرأ» وهو خطأ.
[٣] ترجمته في «إنباء الغمر» (٥/ ٩٣) و «الضوء» (١/ ٣٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>