للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمة ثديها في صغره تعلّله به [١] حتّى تجيء أمه، فيدرّ عليه. فيروون أن علمه، وفصاحته، وورعه من بركة ذلك. وكان جميلا فصيحا.

قال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن، والحجّاج. قيل:

ولا أشعر من رؤبة، والعجّاج.

وقال ابن سعد في «طبقاته» [٢] : كان جامعا، عالما، رفيعا، فقيها، حجة [٣] مأمونا، عابدا، ناسكا كثير العلم [٤] فصيحا، جميلا، وسيما. انتهى.

ولما ولي ابن هبيرة [٥] العراق وخراسان نيابة عن يزيد بن عبد الملك، استدعى الحسن، وابن سيرين، والشّعبيّ، وذلك في سنة ثلاث ومائة، فقال لهم: إنّ الخليفة كتب إليّ بأمر فأقلده ما تقلد من ذلك الأمر. فقال ابن سيرين والشّعبيّ قولا فيه بعض تقيّة. فقال: ما تقول يا حسن؟ قال: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد، ولا تخف يزيدا في الله، فإن الله يمنعك من يزيد، ولا يمنعك يزيد من الله، ويوشك أن يبعث إليك ملكا فيزيلك عن سريرك، ويخرجك من سعة قصرك [٦] إلى ضيق قبرك، ثم لا ينجيك إلّا عملك.

يا ابن هبيرة إياك أن تعصي الله [٧] فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرا لدين الله تعالى وعباده، فلا تتركن [٨] دين الله وعباده لهذا السلطان، فإنه «لا طاعة لمخلوق في معصيّة الخالق» [٩] فأضعف جائزة الحسن عليهما. فقالا له:


[١] علّله بالشيء تعليلا: أي لهّاه به. انظر «مختار الصحاح» ص (٤٥١) .
[٢] (٧/ ١٥٧) .
[٣] في «طبقات ابن سعد» : «فقيها ثقة» .
[٤] في «طبقات ابن سعد» : «كبير العلم» .
[٥] هو يزيد بن عمرو بن هبيرة الفزاري. انظر خبره في ص (١٤٨) من هذا المجلد.
[٦] في «مرآة الجنان» لليافعي (١/ ٢٥٨) : «من سعة قصر» .
[٧] سقط لفظ الجلالة من «مرآة الجنان» فيستدرك فيه.
[٨] في «مرآة الجنان» : «فلا تركبن» .
[٩] ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (٢/ ٣٦٥- ٣٦٦) وقال: رواه أحمد والحاكم عن

<<  <  ج: ص:  >  >>