للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّين الإسنوي، وشهاب الدّين ابن النّقيب، وغيرهما، وأقبل على التّصنيف، فصنّف أشياء لطيفة في فنون الحديث، ثم ناب في الحكم، وأقبل على الفقه، فصنّف «النّكت على المختصرات الثلاثة» جمع فيها بين «التوشيح» للقاضي تاج الدّين السّبكي، وبين «تصحيح الحاوي» لابن الملقّن، وزاد عليهما فوائد من «حاشية الروضة» للبلقيني، ومن «المهمات» للإسنوي، وتلقى الطلبة هذا الكتاب بالقبول ونسخوه وقرأوه عليه، واختصر أيضا «المهمات» وأضاف إليها «حواشي البلقيني على الروضة» .

وكان لما مات أبوه تقرّر في وظائفه، فدرّس بالجامع الطّولاني وغيره، ثم ولي القضاء الأكبر، وصرف عنه، فحصل له سوء مزاج من كونه صرف ببعض تلامذته، بل ببعض من لا يفهم عنه كما ينبغي، فكان يقول: لو عزلت بغير فلان ما صعب عليّ، وكان من خير أهل عصره بشاشة وصلابة في الحكم، وقياما في الحقّ وطلاقة وجه، وحسن خلق، وطيب عشرة.

وتوفي في يوم الخميس التاسع والعشرين من شهر رمضان عن ثلاث وستين سنة وثمانية أشهر، ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى.

وفيها مجد الدّين أبو البركات سالم بن سالم بن أحمد المقدسي ثم المصري الحنبلي [١] ، قاضي القضاة بالدّيار المصرية وشيخ الإسلام بها.

ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وقدم القاهرة في سنة أربع وستين، واستقرّ في القضاء بعد وفاة القاضي موفق الدّين بن نصر الله المتقدّم ذكره، وكان يعدّ من فقهاء الحنابلة وأخيارهم، باشر القضاء نيابة واستقلالا أكثر من ثلاثين سنة بتواضع وعفّة، وعزل بابن مغلي، فقال بعضهم عند عزله:

قضى المجد قاضي الحنبليّة نحبه ... بعزل وما موت الرّجال سوى العزل

وقد كان يدّعى قبل ذلك سالما ... فخالطه فرط انسهال من المغلي


[١] ترجمته في «إنباء الغمر» (٨/ ٢٨) و «الضوء اللامع» (٣/ ٢٤١) و «السّحب الوابلة» ص (١٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>