للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الشيخ إماما كبيرا في المعقولات كلها والكلام، وأصول الفقه، والنحو، والتصريف، والإعراب، والمعاني، والبيان، والجدل، والمنطق، والفلسفة [١] والهيئة بحيث لا يشقّ أحد غباره في شيء من هذه العلوم. وله اليد الحسنة في الفقه، والتفسير [١] والنظر في علوم الحديث وألّف فيه.

وأما تصانيفه في العلوم العقلية فلا تحصى بحيث إني سألته أن يسمي لي جميعها لأكتبها في ترجمته، فقال: لا أقدر على ذلك. قال: ولي مؤلفات كثيرة أنسيتها، فلا أعرف الآن أسماءها.

وأكثر تصانيف الشيخ مختصرات، وأجلّها وأنفعها على الإطلاق «شرح قواعد الإعراب» و «شرح كلمتي الشهادة» . وله «مختصر في علوم الحديث» و «مختصر في علوم التفسير» يسمّى «التيسير» قدر ثلاث كراريس. وكان يقول: إنه اخترع هذا العلم ولم يسبق إليه. وذلك لأن الشيخ لم يقف على «البرهان» للزركشي، ولا على «مواقع العلوم» للجلال البلقيني.

وكان الشيخ- رحمه الله تعالى- صحيح العقيدة في الديانة [٢] ، حسن الاعتقاد في الصوفية، محبا لأهل الحديث، كارها لأهل البدع، كثير التعبد على كبر سنه، كثير الصّدقة والبذل، لا يبقي على شيء، سليم الفطرة، صافي القلب، كثير الاحتمال لأعدائه، صبورا على الأذى، واسع العلم جلدا. لازمته أربع عشرة سنة فما جئته من مرة إلا وسمعت منه من التحقيقات والعجائب ما لم أسمعه قبل ذلك.

قال لي يوما ما إعراب زيد قائم، فقلت قد صرنا في مقام الصّغار ونسأل عن هذا؟ فقال لي: في زيد قائم مائة وثلاثة عشر بحثا، فقلت لا أقوم من هذا المجلس حتى أستفيدها، فأخرج لي تذكرتها، فكتبتها منها.

وما كنت أعدّ الشيخ إلّا والدا بعد والدي. وكان يذكر أنه كان بينه وبين والدي صداقة تامّة. وأن والدي كان منصفا له بخلاف أكثر أهل مصر.


[١، ١] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[٢] في «ط» و «بغية الوعاة» : «في الديانات» .

<<  <  ج: ص:  >  >>