للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعرفهم بالفنون المتكاثرة، وأغزرهم إحاطة بالآثار، وأجودهم مساجلة، وأقدرهم على الكتابة والتّحرير، وله من المصنّفات «شرحه على متن المنتهى» في فقه الحنابلة، حرّره تحريرا أنيقا، وله «التاريخ» الذي صنّفه وسمّاه «شذرات الذهب في أخبار من ذهب» (وهو المنوّه به) وله غير ذلك من رسائل وتحريرات، وكان أخذ عن الأعلام والأشياخ بدمشق والقاهرة. ولزم الإفادة والتدريس، وانتفع به كثير من أهل العصر، وكتب الكثير بخطّه، وكان خطّه حسنا، بيّن الضبط، حلو الأسلوب، وكان مع كثرة امتزاجه بالأدب وأربابه مائل الطبع إلى نظم الشعر، إلّا أنه لم يتفق له نظم شيء فيما علمته منه، ثم أخبرني بعض الإخوان أنه ذكر له أنه رأى في المنام كأنه ينشد هذين البيتين، قال: وأظن أنهما له، وهما:

كنت في لجّة المعاصيّ غريقا ... لم تصلني يد تروم خلاصي

أنقذتني يد العناية منها ... بعد ظنّي أن لات حين مناص

إلى أن قال: وكان قد حجّ فمات بمكّة، وكانت وفاته سادس عشر ذي الحجّة سنة (١٠٨٩) هـ ودفن في المعلاة، وكان عمره (٥٨) سنة، فإني قرأت بخطّ بعض الأصحاب أن ولادته كانت نهار الأربعاء ثامن رجب سنة (١٠٣٢) هـ باختصار.

والنسخة المذكورة [١] كتبت سنة (١٠٨٥ هـ) عن نسخة المؤلّف في (١٠٩١) صفحة. أما الكتاب فابتداؤه من أول سنة للهجرة إلى ختام سنة ألف.

قال في آخره [٢] : وهذا آخر ما أردنا جمعه من «شذرات الذهب في أخبار من ذهب» وقد بذلت في تهذيبه وتنقيحه وسعي، وسهرت لأجله ليالي من عمري، ونقّحت عبارات رأيت ناقليها انحرفوا فيها عن نهج الصّواب، إما لغلط، أو سبق قلم، أو تحامل على مترجم، ونحو ذلك، وتحرّيت ما صحّ نقله، وربما لم أعز ما أنقله إلى كتاب لظهور ما أثبته وأطلب الاختصار.


[١] يقصد النسخة الخطية التي تكلم عليها الكاتب في مجلة المجمع في ذلك الحين، وهي التي اعتمدنا عليها في التحقيق وقد فصّلنا القول عنها في مقدمتنا للكتاب (١/ ٩٨) .
[٢] انظر المجلد العاشر ص (٦٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>