للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمروان في هذه السنة من الفتوحات أمر عظيم، ووقع في قلوب التّرك والخزر منه رعب شديد.

وفيها، قتل الإمام الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين، رضي الله عنهم، بالكوفة، وكان قد بايعه خلق كثير، وحارب متولي العراق يومئذ لهشام بن عبد الملك، يوسف بن عمر الثقفي، فقتله يوسف وصلبه، ويوسف هذا هو ابن عمر، أبوه عمّ الحجّاج بن يوسف. ولما خرج زيد يدعو إلى طاعته جاءته طائفة وقالوا: تبرّأ من أبي بكر وعمر حتّى نبايعك، فقال: بل أتبرأ ممن تبرأ منهما. فقالوا: إذا نرفضك، فسموا رافضة من يومئذ. وسميت شيعته زيدية.

وكان من أمر زيد- رضي الله عنه- أن هشاما لما عرف كماله واستجماعه لخلال الفضل، كتب إلى عامله على الكوفة يوسف بن عمر بن أبي عقيل الثقفي يأمره أن يوجه زيدا إلى الحجاز، ففعل، فلما بلغ زيد العذيب [١] لحقته الشيعة وأخبروه أنّ النّاس مجمعة عليه، ولم يزالوا به حتّى رجع، فأقام بالكوفة سنة يبايع النّاس مختفيا، وبالبصرة نحو شهر، وكان ممن بايعه منصور بن المعتمر، ومحمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، وهلال بن خبّاب بن الأرتّ، قاضي المدائن، وابن شبرمة، ومسعر بن كدام، وغيرهم، وأرسل إليه أبو حنيفة بثلاثين ألف درهم، وحثّ النّاس على نصره، وكان مريضا، وكان قد أخذ عنه كثيرا، وحضر معه من أهله محمّد بن عبد الله النفس الزّكية، وعبد الله بن علي بن الحسين، وكان ظهوره ليلة الأربعاء من دار معاوية بن إسحاق الأنصاري لسبع بقين من المحرم، سنة إحدى، أو اثنتين وعشرين ومائة، وقتل يوم الجمعة لثلاثة أيام من ظهوره، وهو ابن ثلاث وأربعين سنة، واستخرج بعد دفنه وصلب بالكناسة- تربة بالكوفة- أربع


و «العبر» للذهبي: «مسدارة» ولم أقف على ذكر لها في كتب البلدان التي بين يدي.
[١] قال البكري: العذيب: واد بظاهر الكوفة. «معجم ما استعجم» (٢/ ٩٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>