للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد بحلب سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ورحل إلى القاهرة، فاشتغل في علوم شتّى على شيوخ متعددة ذكرهم السخاوي في ترجمته في «الضوء اللامع» منهم والده وجدّه، ودرّس وأفتى، وتولى قضاء حلب ثم قضاء القاهرة، وصار جليس السلطان الغوري وسميره.

قال الحمصي: كان عالما متقنا [١] للعلوم الشرعية والعقلية.

وقال ابن طولون: ولم يثن الناس عليه خيرا.

وذكر الحمصي أن عبيد السّلموني شاعر القاهرة هجاه بقصيدة قال في أولها:

فشا الزّور في مصر وفي جنباتها ... ولم لا وعبد البرّ قاضي قضاتها [٢]

وعقد على السّلموني بسبب ذلك مجلس في مستهل محرم سنة ثلاث عشرة بحضرة السلطان الغوريّ، وأحضر في الحديد، فأنكر، ثم عزّر بسببه بعد أن قرئت القصيدة بحضرة السلطان وأكابر الناس وهي في غاية البشاعة والشّناعة، والسّلموني المذكور كان هجاء خبيث الهجو ما سلم منه أحد من أكابر مصر فلا يعدّ هجوه جرحا في مثل القاضي عبد البرّ، وقد كان له في ذلك العصر حشمة، وفضل، وكان تلميذه القطب بن سلطان مفتي دمشق يثني عليه خيرا ويحتج بكلامه في مؤلفاته، وكان ينقل عنه أنه أفتى بتحريم قهوة البن، وله رحمه الله تعالى مؤلّفات كثيرة منها «شرح منظومة ابن وهبان» في فقه أبي حنيفة النّعمان، ومنها «شرح الوهبانية» [٣] في فقه الحنفية، و «شرح منظومة جدّه أبي الوليد بن الشحنة» التي نظمها في عشرة علوم، وكتاب لطيف في حوض دون ثلاثة أذرع هل يجوز فيه الوضوء، أولا وهل يصير مستعملا بالتوضي فيه أولا، ومنها «الذخائر الأشرفية في ألغار الحنفية» . وله شعر لطيف منه [٤] :


[١] في «أ» : (متفننا) وهو تحريف.
[٢] في «ط» : (قضلتها) وهو تصحيف.
[٣] في «أ» : (شرح الوجانية) .
[٤] الأبيات في «الكواكب» (١/ ٢٢٠) و «درّ الحبب» (١/ ٢/ ٧٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>