للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها توفي عبد الله بن دينار، مولى ابن عمر بالمدينة.

قال ابن ناصر الدّين: كان ثبتا، ثقة، متقنا.

والسيد الكبير الولي الشهير أبو يحيى مالك بن دينار البصريّ الزّاهد المشهور، كان مولى لبني أسامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، وكان يكتب المصاحف بالأجرة، أقام أربعين سنة لا يأكل من ثمار البصرة، ولا يأكل إلّا من عمل يده، ووقع حريق بها فخرج متّزرا بباريّة [١] ، وبيده مصحف، وقال: فاز المخفّون. وقيل له: ألا تستسقي لنا؟ فقال: أنتم تنتظرون الغيث، وأنا أنتظر الحجارة.

وقال له رجل: إن امرأتي حبلى منذ أربع سنين، وأصبحت اليوم في كرب عظيم، فادع الله لها، فقال: اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب، فجاء الرّجل على رقبته غلام، وقد استوت أسنانه وما قطع سراره.

وفيها توفي عمير بن هانئ العنسيّ- بالنون- الدّارانيّ [٢] . روى عن معاوية في «الصحيحين» وعن أبي هريرة في «السنن» .

قال له عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر: أراك لا تفتر عن الذّكر، فكم تسبّح كل يوم؟ قال: مائة ألف تسبيحة، إلّا أن تخطئ الأصابع.

قلت: هذا صريح منه بأنه كان يعدّ التسبيح بأصابعه، ولكن أورد أبو بكر بن داود في «التحفة» أنّ أبا الدّرداء كان يسبّح كل يوم مائة ألف تسبيحة أيضا، ثم قال ما معناه: وهذا دليل أنه كان يستعمل السّبحة، إذ يبعد ويتعذّر أن يضبط مثل هذا العدد بغيرها، وجعله من جملة الأدلة على السّبحة، بعد


[١] أي بحصيرة منسوجة. (ع) .
[٢] نسبة إلى داريا، وهي من القرى الكبيرة في غرب دمشق. انظر «معجم البلدان» (٢/ ٤٣١- ٤٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>