للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا دعوتهم [١] ليوم كريهة ... وافوك بين مكبّر وموحّد

فقصدته الخيول من كل جانب، وقتلوه، وكان أهله وبناته في كنيسة هناك، فأقبل خادمه بالسيف مصلتا يريد الدخول عليهم، فأخذ وسئل عن مراده، فقال: إن مروان أمرني إذا تيقّنت موته أن أضرب رقاب نسائه وبناته، فأرادوا قتله، فقال: إن قتلتموني لتفقدن ميراث رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- قالوا: فدلنا على ذلك إن كنت صادقا، فخرج بهم إلى رمل هناك، فكشفوه فإذا فيه القضيب، والبرد، والقعب [٢] والمصحف [٣] فأخذوه، وكان الذي تولى قتله عامر بن إسماعيل الخراساني، وهو صاحب مقدمة صالح، ولما قتله دخل بيته، وركب سريره، ودعا بعشائه، وجعل رأس مروان في حجر ابنته، وأقبل يوبّخها، فقالت له: يا عامر، إن دهرا أنزل مروان عن فراشه وأقعدك عليه حتّى تعشيت عشاءه، لقد أبلغ في موعظتك، وعمل في إيقاظك وتنبيهك إن عقلت وفكرت، ثم قالت: وا أبتاه، وا أمير المؤمنيناه، فأخذ عامرا الرّعب من كلامها، وبلغ ذلك أبا العبّاس السّفّاح، فكتب إلى عامر يوبّخه ويقول: أما في أدب الله ما يخرجك عن عشاء مروان والجلوس على مهاده.

وقتل مروان وله تسع وخمسون سنة، وقيل: سبع وستون، وإمارته خمس سنين وتسعة أشهر وأيام.

وقتل معه أخ لعمر بن عبد العزيز، كان أحد الفرسان، وكان مروان بطلا، شجاعا، ظالما، أبيض، ضخم الهامة، ربعة، أشهل العين، كثّ اللحية، أسرع إليه الشيب، ذكره المنصور مرّة فقال: لله درّه ما كان أحزمه، وأسوسه، وأعفّه عن الفيء. قاله في «العبر» [٤] .


[١] في الأصل: «وإذ دعوتهم» .
[٢] القعب: القدح الضخم. انظر «لسان العرب» (قعب) .
[٣] في «مروج الذهب» (٣/ ٢٦٢) : «فإذا البرد، والقضيب، ومحصر» .
[٤] لم أجد هذا النقل في «العبر» المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>