للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوفي في سابع جمادى الأولى بتريم، ورثاه والدي بمرثية عظيمة مطلعها:

تقضي فتمضي حكمها الأقدار ... والصّفو تحدث بعده الأكدار

انتهى.

وفيها المولى عصام الدّين أبو الخير أحمد بن مصلح الدّين، المشتهر بطاش كبري زاده [١] صاحب «الشقائق النعمانية» .

قال في «ذيل الشقائق» المذكورة المسمى ب «العقد المنظوم في ذكر أفاضل الرّوم» : كان من العلماء الأعيان، توفي وهو مدرّس بإحدى المدارس الثمان بعد ما كان قاضيا بحلب، وأخذ عن أبيه الحديث والتفسير، ثم قرأ على المولى سيدي محمد القوجوي، وصار ملازما له [٢] ، ثم على المولى محمد الشهير بميرم جلبي، وكمّل عنده العلوم الرياضية، وقرأ على غير هؤلاء، ودرّس بعدة مدارس، ثم قلّد قضاء قسطنطينية، فأجرى الأحكام الدينية إلى أن رمد رمدا شديدا، انتهى إلى أن عميت كريمتاه، فكان مصداق ما جاء في الأثر «إذا جاء القضاء عمي البصر» [٣] فاستعفى عن المنصب، واشتغل بتبييض بعض تآليفه، وكان بحرا، زاخرا، منصفا، مصنّفا، راضيا بالحقّ، عاريا عن المكابرة والعناد، وإذا أحسّ من أحد مكابرة أمسك عن التكلم.

وحكي عنه أنه أمسك لسان نفسه وقال: إن هذا فعل ما فعل من التقصير والزّلل، وصدر عنه ما صدر من الحق والغلط، غير أنه ما تكلم في طلب المناصب الدنيوية قطّ.


[١] ترجمته في «العقد المنظوم» ص (٣٣٦- ٣٤٠) و «الشقائق النعمانية» ص (٣٢٥- ٣٣١) و «الأعلام» (١/ ٢٥٧) و «معجم المؤلفين» (٢/ ١٧٧) .
[٢] في «ط» : «ملازما منه» .
[٣] ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (١/ ١٠٧) بلفظ: «إذا نزل القضاء عمي البصر» وعزاه للحاكم من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما، وتكلم عليه ضمن كلامه عن حديث: «إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره، سلب من ذوي العقول عقولهم، حتّى ينفذ فيهم قضاؤه وقدره» (١/ ٨١- ٨٢) وانظر «الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» للسيوطي ص (٢٣) طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

<<  <  ج: ص:  >  >>