للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاد، وضربت إليه آباط الإبل من كل ناد، وعقدت عليه الخناصر، وتلمذت له الأكابر، وحجّ وزار القبر الشريف، فاجتمع بفضلاء الحرمين، ودرّس فيهما، واشتغل بالإفتاء من وفاة شيخه أبي العباس الطنبذاوي، وذلك سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، وكان من الفقر على جانب عظيم، بحيث كان- كما أخبر عن نفسه- يصبح وليس عنده قوت يومه، حتى اتفق أن زوجته وضعت وليس عنده شيء، حتى عجز عن المصباح، وباتوا كذلك.

وفي سنة أربع وستين نزل في عينيه ماء فكفّ بصره، فاحتسب ورضي، وقال: مرحبا بموهبة الله وجاءه قداح فقال له أنا أصلح بصرك، وقال بعض أهل الثروة وأنا أنفق عليك وعلى عيالك مدة ذلك فامتنع، وقال: شيء ألبسنيه الله لا أتسبب في إبطاله. ومع ذلك كان على عادته من التدريس والإفتاء والتصنيف.

ومن مصنّفاته «إثبات سنّة [١] رفع اليدين عند الإحرام، والركوع، والاعتدال، والقيام من الركعتين» وكتاب «فتح المبين في أحكام تبرع المدين» و «المقالة الناصة على صحة ما في الفتح والذيل والخلاصة وهذه الكتب الثلاثة» صنّفها بسبب ما وقع بينه وبين ابن حجر في عدم بطلان تبرع المدين، وله كتاب «النخبة في الأخوة والصحبة» و «الأدلة الواضحة في الجهر بالبسملة وأنها من الفاتحة» وهو كتاب مشتمل على مناقب الأئمة الأربعة، و «التقليد وأحكام رخص الشريعة» وله كتاب «إقامة البرهان على كميّة التراويح في رمضان» و «كشف الغمّة عن حكم المقبوض عما في الذمة وكون الملك فيه موقوفا عند الأئمة» و «مزيل العناء في أحكام الغناء» و «سمط اللآل في كتب الأعمال» و «كشف النّقاب عن أحكام المحراب» وله غير ذلك مما لا يعدّ كثرة.

وتوفي بزبيد ليلة الأحد حادي عشر رجب. قاله في «النور» وفيها عزّ الدّين أبو نصر عبد السلام بن شيخ الإسلام وجيه الدّين عبد الرحمن بن عبد الكريم بن زياد اليمني الشافعي [٢] .


[١] لفظة «سنّة» سقطت من «ط» .
[٢] ترجمته في «النور السافر» ص (٣١٤- ٣١٥) و «معجم المؤلفين» (٥/ ٢٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>