للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورحل في طلب العلم داخل البلاد الشامية منذ سنة ثلاث وتسعين وستمائة، فسمع ببعلبك، وحلب، وحمص، وحماة، وطرابلس، والكرك، والمعرّة، وبصرى، ونابلس، والرملة، والقدس، وتبوك.

ورحل إلى البلاد المصرية سنة خمس وتسعين وستمائة فوصلها في رجب، وعاد منها في ذي القعدة.

وتوجه إلى البيت الحرام لأداء فريضة الحج، وذلك سنة ثمان وتسعين وستمائة، وسمع هنالك من مجموعة من الشيوخ.

توفي يوم الإثنين الثالث من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق، وأضرّ قبل موته بيسير.

قال تاج الدين السبكي: اشتمل عصرنا على أربعة من الحفّاظ وبينهم عموم وخصوص، المزّي، والبرزالي، والذهبي، والشيخ الوالد [١] لا خامس لهم في عصرهم، فأما أستاذنا أبو عبد الله [٢] ، فبصر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظا، وذهب العصر معنى ولفظا، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد، فنظرها ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها، وكان محطّ رحال المعنت، ومنتهى رغبات من تعنّت، تعمل المطي إلى جواره، وتضرب البزل المهارى أكبادها فلا تبرح أو تبيد نحو داره، وهو الذي خرّجنا في هذه الصناعة، وأدخلنا في عداد الجماعة، جزاه الله عنّا أفضل الجزاء، وجعل حظّه من عرصات الجنان موفر الأجزاء، وسعده بدرا طالعا في سماء العلوم، يذعن له الكبير والصغير من الكتب، والعالي والنازل من الأجزاء.

قلت: وقد قامت شهرة الذهبي على كتابيه «تاريخ الإسلام» و «العبر في خبر


[١] يعني تقي الدين السّبكي، شيخ الإسلام في عصره، المتوفى سنة (٧٥٦) هـ انظر «الأعلام» للزركلي (٤/ ٣٠٢) .
[٢] يعني الإمام الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>