للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عظيم ادّعائه وقبح صورته، لأنه كان مشوّه الخلق، أعور [ألكن، قصيرا، وكان لا يسفر عن وجهه بل اتخذ وجها من ذهب فتقنّع به، فلذلك قيل له:

المقنّع] [١] وإنما غلب على عقولهم بالتمويهات التي أظهرها لهم بالسّحر والنيرجات، وكان في جملة ما أظهر لهم صورة قمر يطلع فيراه النّاس من مسيرة [٢] شهرين من موضعه، ثم يغيب، فعظم اعتقادهم فيه، وقد ذكر أبو العلاء المعري هذا القمر في قوله:

أفق إنّما البدر المقنّع رأسه ... ضلال وغيّ مثل بدر المقنّع [٣]

وإليه أشار ابن سناء الملك [٤] بقوله:

إليك فلا بدر [٥] المقنّع طالعا ... بأسحر من ألحاظ بدري المعمّم

ولما اشتهر أمر ابن المقفع وانتشر ذكره، ثار عليه النّاس، وقصدوه في قلعته التي كان قد اعتصم بها، وحصروه، فلما أيقن بالهلاك جمع نساءه وسقاهنّ سمّا فمتن [منه] [٦] ثم تناول شربة من ذلك السّم فمات، ودخل المسلمون قلعته فقتلوا من فيها من أشياعه وأتباعه، وذلك في سنة ثلاث وستين ومائة، لعنه الله تعالى، ونعوذ بالله من الخذلان. انتهى ملخصا.

وقال ابن الأهدل بعد كلام طويل: كان لا يسفر عن وجهه لقبح صورته، ولذلك قيل له: المقنّع، ثم اتخذ وجها من ذهب فتقنّع به، وعبده خلق كثير وقاتلوا دونه، وانتدب لحربه سعيد الحرشي [٧] ولما أحسّ بالغلبة


[١] ما بين الحاصرتين زيادة من «وفيات الأعيان» .
[٢] في «وفيات الأعيان» : «من مسافة» .
[٣] البيت في «سقط الزند» لأبي العلاء المعرّي ص (١٦٥) .
[٤] هو أبو القاسم هبة الله بن جعفر بن سناء الملك السعدي، المتوفى سنة (٦٠٨) هـ، وسوف ترد ترجمته في المجلد السابع من طبعتنا هذه إن شاء الله.
[٥] في «وفيات الأعيان» : «فما بدر» .
[٦] لفظه «منه» زيادة من «وفيات الأعيان» .
[٧] في الأصل، والمطبوع: «الجرشي» وهو تصحيف، والتصحيح من «تاريخ الطبري»

<<  <  ج: ص:  >  >>