للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشيرة، فانصرفت ولها في أخيها مراث كثيرة شهيرة [١] .

وفيها اعتمر الرّشيد في رمضان ثم رجع إلى المدينة فأقام بها إلى وقت الحج، ثم حجّ بالنّاس، فمشى من مكّة إلى منى، ثم إلى عرفات، وشهد المشاهد والمشاعر ماشيا.

وفيها توفي إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس الحميريّ الأصبحيّ شهير الفضل، كان طوالا، جسيما، عظيم [٢] الهامة، أبيض الرأس واللحية، أشقر، أزرق العين، يلبس الثياب العربية البيض، وإذا اعتمّ جعلها [تحت] [٣] ذقنه، ويسدل طرفها بين كتفيه.

روي أنه قال: ما أفتيت حتّى شهد لي سبعون أنّي أهل لذلك. وقلّ رجل كنت أتعلّم منه ومات حتّى يستفتين.

قال اليافعيّ [٤] : أخبر بنعمة الله [تعالى عليه] [٥] .

وكان مالك عظيم المحبة لرسول الله- صلى الله عليه وسلّم- مبالغا في تعظيم حديثه، حتّى كان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكبر سنّه، ويقول: لا أركب في بلد فيها جسد رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- مدفون.

قال الشّافعيّ: قال لي محمد بن الحسن: أيّما [٦] أعلم صاحبنا أو صاحبكم؟ يعني أبا حنيفة ومالكا- رحمهما الله تعالى- قلت: على الإنصاف؟


[١] قلت: وقد ساق اليافعي إحدى مراثيها في أخيها ومطلعها:
أيا شجر الخابور ما لك مورقا ... كأنّك لم تحزن على ابن طريف
[٢] في المطبوع: «عظيما» وهو خطأ.
[٣] لفظة «تحت» سقطت من الأصل، واستدركتها من المطبوع، و «العبر» للذهبي (١/ ٢٧٣) .
[٤] في «مرآة الجنان» (١/ ٣٨٧) .
[٥] زيادة من «مرآة الجنان» .
[٦] في الأصل، والمطبوع: «أي» وأثبت ما في «مرآة الجنان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>