للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه.

ثم ركب من يومه وأسرع حتّى نزل مدينة هرقلة، وأوطأ الرّوم ذلّا وبلاء، فقتل، وسبى، وذلّ نقفور وطلب الموادعة على خراج يحمله، فأجابه. فلما ردّ الرّشيد إلى الرّقّة. نقض نقفور، فلم يجسر أحد أن يبلّغ الرّشيد حتّى عملت الشعراء أبياتا يلوّحون بذلك. فقال: أوقد فعلها؟ فكرّ راجعا في مشقّة الشتاء حتّى أناخ بفنائه ونال مراده. وفي ذلك يقول أبو العتاهية:

ألا نادت هرقلة بالخراب [١] ... من الملك الموفّق للصّواب

غدا هارون يرعد بالمنايا ... ويبرق بالمذكّرة الصّعاب [٢]

ورايات يحلّ النّصر فيها ... تمرّ كأنّها قطع السّحاب

وفيها غضب الرّشيد على البرامكة وضرب عنق جعفر بن يحيى البرمكيّ الوزير أحد الأجواد الفصحاء البلغاء، وكان قد تفقّه على القاضي أبي يوسف، فلأجل ذلك كانت توقيعاته على منهج الفقه.

وكتب إلى بعض العمال.

أما بعد: فقد كثر شاكوك وقلّ شاكوك، فإما اعتدلت، وإما عزلت.

وقال يهودي للرّشيد: إنك تموت هذه السنة. فاغتمّ وشكا إلى جعفر.

فقال جعفر لليهوديّ: كم عمرك أنت؟ قال: كذا وكذا مدة طويلة. فقال للرّشيد: اقتله حتّى تعلم أنه كذب. فقتله وذهب ما عنده.

وكان جعفر يتحكّم في مملكة الرّشيد بما أراد من غير مشاورة فينفّذها الرّشيد.


[١] في الأصل، والمطبوع: «بالحراب» وهو تصحيف.
[٢] كذا في الأصل، والمطبوع، و «العبر» للذهبي (١/ ٢٩٦) : «الصعاب» ، وفي «مرآة الجنان» (١/ ٤١٣) : «العضاب» ، وفي كتاب «أبو العتاهية أشعاره وأخباره» للأستاذ الدكتور شكري فيصل رحمه الله تعالى، ص (٤٩٢) ، و «تاريخ الطبري» (٨/ ٣١٠) : «القضاب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>