للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البشر، وبنو البشر عرضة للخطأ والنسيان، مهما كان موقع أحدهم من أهل عصره.

ومن ثم تخريج كل ما يحتاج إلى التخريج من الآيات، والأحاديث، وأبيات الشعر، والأمثال، والتعليق على المواطن التي لا بدّ من التعليق عليها، وتجنّب الإطناب في التعليق على المواطن التي لا فائدة من التعليق عليها، وخاصة في المصنفات التي يقتنيها الباحثون بشكل عام، ثم فهرست الكتاب [١] .

ولقد اجتهدت في أثناء خدمتي لهذا الكتاب في تحقيق هذا المنهج على أفضل وجه، وإن كنت لا أدّعي بأني قد اقتربت من صفة الكمال، لأن الله عزّ وجلّ يأبى إلّا أن يكون الكمال لكتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ولا بدّ من الإشارة إلى أن الذي حملني على العمل في تحقيق هذا الكتاب العظيم، هو ما وقع في طبعته السابقة المنتشرة من الخطأ، والسّقط، والتحريف، والتصحيف، وسوء الإخراج، إضافة إلى أنها خلت من الضبط، والترقيم، والتخريج، الأمر الذي قلّل من إمكانية الاعتماد عليها من قبل الباحثين إلى حدّ بعيد، فكان لا بدّ من العمل على إخراجه إخراجا جديدا يليق به من


[١] قلت: ويخطئ من يعتقد بأن التحقيق هو أن يقوم المرء بإخراج النص كما ورد في الأصل الخطّي أو أحد المصوّرات للكتاب الذي يتصدى لتحقيقه، مقتفيا في ذلك آثار المستشرقين الذين لا يحسن معظمهم فهم النصوص ناهيك عن تحقيقها.
ولقد ظن البعض ممّن لا علم لديهم ولا ثقافة ممّن اقتحموا عالم تحقيق التراث عن غير أهلية، بأن المستشرقين هم الذين سبقوا المسلمين إلى العمل في فن التحقيق.
والصواب أن الذي يقوم به معظم المستشرقين من العمل في كتب التراث العربي الإسلامي إنما هو نشر لتلك الكتب، وليس تحقيقا لها، وبين النشر والتحقيق فرق كبير.
ولعلّ من أهمّ ما ينبغي أن يتّصف به المحقّق هو فهم اللغة، أو الرجوع إلى المصادر التي تعينه على فهمها في أسوأ الحالات، ومن أين للمستشرق أن يفهم لغة شرع بتعلّمها في العشرين من عمره؟.
وما ينبغي التأكيد عليه أخيرا هو أن فن التحقيق فنّ نشأ وترعرع في بلادنا، ووضعت أصوله وفروعه على أيدي علمائنا القدامى رحمهم الله، ولو نظر الباحث في كتب الرجال لوجد الكثير من العلماء موصوفين ب المحققين.

<<  <  ج: ص:  >  >>