للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان كريما حليما وقورا عاقلا كاملا، كثير الحياء حسن الأخلاق. ولما بويع واستوسق [١] له الأمر تتبّع بقايا بني أمية ورجالهم، فوضع السّيف فيهم.

وفي بعض أيّامه كان جالسا في مجلس الخلافة، وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك وقد أكرمه السفاح، فدخل عليه سديف الشاعر فأنشده:

لا يغرنك ما ترى من رجال ... إنّ تحت الضّلوع داء دويّا [٢]

فضع السّيف وارفع السّوط حتّى ... لا ترى فوق ظهرها أمويا

(خفيف) فالتفت سليمان وقال: قتلتني يا شيخ! ودخل السفّاح وأخذ سليمان فقتل.

ودخل عليه شاعر آخر وقد قدّم الطعام، وعنده نحو سبعين رجلا من بني أميّة.

فأنشده:

أصبح الملك ثابت الآساس ... بالبهاليل [٣] من بني العبّاس

طلبوا وتر [٤] هاشم فشفوها ... بعد ميل من الزّمان وياس

لا تقيلنّ عبد شمس عثارا ... واقطعن كلّ رقلة [٥] وغراس

ذلّها أظهر التودّد منها ... وبها منكم كحزّ المواسي [٦]

ولقد غاظني وغاظ سوائي [٧] ... قربهم من نمارق وكراسي

أنزلوها بحيث أنزلها الله ... بدار الهوان والإنعاس

واذكروا مصرع الحسين وزيد ... وقتيلا بجانب المهراس

والقتيل الّذي بحرّان أضحى ... ثاويا بين غربة وتناس

(خفيف)


[١] استوسق: اجتمع وانقاد.
[٢] الداء الدويّ: الوبيل، المعلّ للصحّة.
[٣] البهاليل: جمع بهلول، وهو السيّد الجامع لكلّ خير.
[٤] الوتر: الثأر.
[٥] الرّقلة: النخلة الطويلة.
[٦] المواسي: جمع موسى وهو ما يحزّ به ويجرح.
[٧] سوائي: غيري، وأصلها: سواي.

<<  <   >  >>