للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمرو: أرى كوخا، فقصدوه فإذا فيه نبطيّ [١] وعنده مبقلة [٢] ، فسلّموا عليه فردّ السّلام، فقالوا: هل من طعام؟ فقال: عندي ربيثاء [٣] ، وهو نوع من الصحناء- وعندي خبز شعير فقال المهديّ: إن كان عندك زيت فقد أكملت الضيافة، قال:

نعم، وكرّاث [٤] فأتاهما بذلك فأكلا حتّى شبعا، فقال المهديّ لعمرو: قل في هذا شعرا فقال:

إنّ من يطعم الرييثاء بالزّيت ... وخبز الشّعير بالكرّاث

لجدير بصفعة أو بثنتين ... لسوء الصنيع، أو بثلاث

(خفيف) فقال المهديّ: بئس ما قلت. إنّما كان ينبغي أن تقول:

لجدير ببدرة [٥] أو بثنتين ... لحسن الصّنيع أو بثلاث

قال: ووافاهم العسكر والخزائن والخدم، فأمر للنبطيّ بثلاث بدر وانصرف وفي أيّامه ظهر المقنّع بخراسان.

شرح كيفيّة الحال في ذلك

كان هذا المقنّع رجلا أعور قصيرا من أهل مرو، وكان قد عمل وجها من ذهب وركّبه، على وجهه لئلا يرى وجهه، وادّعى الإلهية، وكان يقول: إن الله خلق آدم فتحوّل في صورته، ثمّ في صورة نوح، وهكذا هلمّ جرّا إلى أبي مسلم الخراسانيّ وسمّى نفسه هاشما، وكان يقول بالتناسخ. وبايعه خلق من ضلال الناس وكانوا يسجدون إلى ناحيته أين كانوا من البلاد، وكانوا يقولون في الحرب: يا هاشم أعنّا واجتمع إليه خلق كثير.


[١] النّبطيّ: رجل من العجم يزرع الأرض.
[٢] المبقلة: مزرعة البقول وهي الخضار.
[٣] ربيثاء: ضرب من صغار السّمك المملّح، ومثله الصّحناء.
[٤] الكرّاث: نبت نافذ الرائحة يشبه الثوم والبصل، يؤكل بين المقبّلات.
[٥] البدرة: صرّة المال. الهدية الثمينة.

<<  <   >  >>