للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنشده قوله:

وقائل ليست له همّة ... كلّا، ولكن ليس لي مال

لا جدة ينهض عزمي بها ... والنّاس سؤّال وبخّال

فاصبر على الدّهر إلى دولة ... يرفع فيها حالك الحال

(سريع) فلمّا علت حال الفضل وتولّى الوزارة، قصده مسلم بن الوليد، فلمّا رآه سرّ به قال له: هذه الدولة التي يرفع فيها حالك الحال، وأمر له بثلاثين ألف درهم، وولّاه بريد جرجان، فاستفاد من ثمّ مالا طائلا، قالوا: كانت همّة ذي الرّئاستين عالية جدّا من قبل أن يعظم أمره، قال له مؤدّب المأمون يوما في أيّام الرّشيد: إنّ المأمون لجميل الرأي فيك، وإنّي لا أستبعد أن يحصل لك من جهته ألف ألف درهم فاعتاظ الفضل من ذلك وقال له: ألك عليّ حقد؟ ألي إليك إساءة؟ فقال له المؤدّب لا والله، ما قلت هذا إلا محبّة لك، فقال: أتقول لي إنّك تحصّل معه ألف ألف درهم؟ والله ما صحبته لأكتسب منه مالا قلّ أو جلّ [١] ، ولكن صحبته ليمضي حكم خاتمي هذا في الشرق والغرب، قال: فو الله ما طالت المدّة حتّى بلغ ما أمّل وقتل الفضل بن سهل على الصّورة التي تقدّم شرحها، وذلك في سنة اثنتين ومائتين وفيه يقول الشّاعر:

لفضل بن سهل يد ... يقصّر عنها المثل

فباطنها للنّدى ... وظاهرها للقبل

وبسطتها للغنى ... وسطوتها للأجل [٢]

(متقارب)


[١] جلّ: هنا، كثر، ضد قلّ.
[٢] الأجل: هنا، الموت.

<<  <   >  >>