للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خليفة الله جازى الله سعيك عن ... جرثومة الدين والإسلام والحسب

بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها ... تنال إلا على جسر من التّعب

ومن جملتها ما يشير به إلى مبالغة المعتصم في قتالهم واستئصاله إيّاهم:

لم تطلع الشّمس منهم يوم ذاك على ... بان بأهل ولم تغرب على عزب

ومن جملتها ما يدلّ على شدة ما كان عنده من الحقد عليهم وهو قوله:

ما ربع ميّة معمورا يطيف به ... غيلان أبهى ربا من ربعك الخرب [١]

ولا الخدود وإن أدمين من خجل ... أشهى إلى ناظري من خدّك التّرب [٢]

وكانت وقعة عمّورية في سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

والمعتصم هو الّذي بنى سرّ من رأى.

شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

كانت بغداد دار الملك، بها سرير الخلافة من بعد المنصور، إلا أن هارون الرّشيد أحبّ الرقّة بالشأم فأقام بها، ومع ذلك فكانت الرقّة كالمتنزّه، وقصوره وخزائنه ونساؤه وأولاده ببغداد بقصر الخلد، ومن ولي بعده من الخلفاء كان سرير ملكهم ببغداد.

فلمّا كانت أيام المعتصم خاف من بها من العسكر ولم يثق بهم، فقال:

اطلبوا لي موضعا أخرج إليه وأبني فيه مدينة وأعسكر به، فإن رابني من عساكر بغداد حادث كنت بنجوة، وكنت قادرا على أن آتيهم في البرّ وفي الماء، فوقع اختياره على سامرّا فبناها وخرج إليها.

وقيل: إنّ المعتصم استكثر من المماليك، فضاقت بهم بغداد وتأذّى بهم النّاس وزاحموهم في دورهم، وتعرّضوا للنّساء، فكان في كلّ يوم ربما قتل منهم


[١] قوله ما ربع ميّة: ميّة اسم محبوبة الشاعر غيلان، وغيلان هو الشاعر ذو الرمّة، عاصر جريرا والفرزدق وأكثر من ذكر مية في شعره، كان تردده على الكوفة والبصرة، توفي حوالي/ ١١٧/ هـ.
[٢] التّرب: المعفّر بالتراب.

<<  <   >  >>