للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح حال الوزارة في أيّامه

لما بويع بالخلافة استوزر محمّد بن عبد الملك الزيّات أيّاما، ثمّ نكبه وقبض عليه وقتله كما تقدّم شرحه، ثم استكتب [١] رجلا من كتّابه يقال له: أبو الوزير، من غير أن يسمّيه بالوزارة فكتب له مديدة يسيرة، ثم نكبه وأخذ منه مائتي ألف دينار، واستوزر الجرجرائي.

وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

كان شيخا ظريفا، حسن الأدب، عالما بالغناء مشتهرا به، فخفّ على قلب المتوكّل فاستوزره مديدة، ثم كثرت السّعايات به، فعزله المتوكّل، وقال: قد ضجرت من المشايخ، أريد حدثا أستوزره، فأشير عليه بعبيد الله بن يحيى بن خاقان.

[وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان]

كان عبيد الله حسن الخطّ، وله معرفة بالحساب والاستيفاء [٢] ، إلا أنّه كان مخلّطا [٣] ، وكان مجدودا [٤] ، فكانت سعادته تغطي عيوبه، وكان كريما حسن الأخلاق.

وكان كرمه أيضا يستر كثيرا من عيوبه، وكان فيه تعفّف، قيل: إنّ صاحب مصر حمل إليه مائتي ألف دينار وثلاثين سفطا من الثّياب المصريّة، فلمّا أحضرت بين يديه، قال لوكيل صاحب مصر: لا والله! لا أقبلها ولا أثقل عليه


[١] استكتبه: اتّخذه كاتبا، جعله كاتبا عنده.
[٢] الاستيفاء: الجباية وجمع الأموال.
[٣] المخلّط: شبه المجنون أو الأحمق.
[٤] المجدود: صاحب الجدّ أو الحظّ.

<<  <   >  >>