للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك، ثمّ فتح الأسفاط وأخذ منها منديلا لطيفا وضعه تحت فخذه، وأمر بالمال فحمل إلى خزانة الديوان وصحّح بها، وأخذ به دورا لصاحب مصر.

وكانت سيرة عبيد الله هيّنة، والجند يحبّونه، فلمّا جرت مفتنة عند قتل المتوكّل خاف عبيد الله فاجتمع الجند على بابه وقالوا له: أنت أحسنت إلينا في حال وزارتك وأقلّ ما يجب لك علينا أن نحتفظ بك ونحرسك في مثل هذه الفتنة.

انقضت أيّام المتوكّل ووزرائه.

ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

بويع في صبيحة الليلة التي قتل أبوه بها، كان المنتصر شهما فاتكا سفّاكا للدّم ولمّا قتل أباه تحدّث الناس بأنه لا يطول له العمر بعده، وشبهوه بشيرويه [١] بن كسرى حين قتل أباه، ولم يستمتع بالملك بعده، قالوا لما قتل المنتصر أباه وبويع له بالخلافة جلس على بساط لم ير النّاس مثله، وعليه كتابة عجيبة بالفارسيّة، فنظر إليها المنتصر واستحسنها، وقال لمن حضر: هل تعرفون معناها؟ فأحجموا وقالوا لا نعرف فاستحضر رجلا عجميّا غريبا وأمره بقراءتها، فأحجم الرّجل، فقال له المنتصر: قل وما عليك بأس، فليس لك ذنب، فقال الرجل: على هذه البساط مكتوب، أنا شيرويه بن كسرى، قتلت أبي فلم أتمتّع بالملك بعده إلا ستة أشهر فتطير المنتصر من ذلك، ونهض من مجلسه مغضبا، فلم تتمّ ستة أشهر حتّى مات، وذلك في سنة ثمان وأربعين ومائتين.

شرح حال الوزارة في أيّامه

لما بويع بالخلافة استوزر كاتبه أحمد بن الخصيب.


[١] شيرويه: هو ابن كسرى أبرويز: ملك فارسيّ حبس أباه واغتاله واعتلى العرش مكانه، ومات بالطاعون بعد ستة أشهر عام/ ٦٢٨/ م.

<<  <   >  >>