للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاضد وخلع عليه خلع الوزارة في سنة أربع وستين وخمسمائة وتمكن صلاح الدين من الدولة وقدم عليه أهله، فأقطعهم الإقطاعات السنية، وأزال أيدي أصحاب العاضد وتفرّد بالحكم. ومرض العاضد وتطاولت أمراضه، ثم مات في سنة سبع وستين وخمسمائة. وأحجم الناس [١] فيمن يدعى له بالخلافة على المنابر، فلما كان يوم الجمعة صعد رجل أعجميّ إلى المنبر وخطب وذكر الخليفة المستضيء [٢] فلم ينكر أحد عليه واستمرّ الحال في مصر بالخطبة للعباسيّين، وانقرضت دولة الفاطميّين منها، واستقل صلاح الدين يوسف بن أيّوب بملك مصر من غير منازع، وحبس من كان تخلّف من أقارب العاضد، وقبض على الخزائن والأموال، ومن جملتها الجبل الياقوت، وزنه ستّة عشر مثقالا. قال ابن الأثير المؤرّخ: أنا رأيته ووزنته ومن جملتها نصاب زمرد طوله أربع أصابع، في عرض عقد، ووجدوا طبلا بالقرب من موضع العاضد، فظنّوه عمل للعب، فسخروا من العاضد، فألقاه أحدهم من يده فكسره وإذا الطبل قد عمل لأجل القولنج [٣] فندموا على كسره وكان ذلك في أيام الخليفة المستضيء من بني العبّاس فوردت البشائر إليه بفتح مصر وبإقامة الخطبة له بها، فأظهر السّرور ببغداد وهنّأه الشّعراء وأرسل المستضيء تقليد السّلطنة إلى صلاح الدّين بالتّفويض والتّحكيم. فسبحان من يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممّن يشاء!.

[رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر]

وخلع المقتدر، وبويع عبد الله بن المعتزّ فمكث يوما واحدا في الخلافة، ثم استظهر المقتدر عليه فأخذه وقتله ولم يعدّ عبد الله بن المعتزّ في الخلفاء لقصر الزمان الّذي تولّى فيه، وجرت بين المقتدر وبين مؤنس المظفّر أمير الجيوش منافرة أدّت إلى حرب قتل فيها المقتدر وقطع رأسه، وحمل إلى ما بين يدي مؤنس المظفّر ومكثت جثّته مرميّة على قارعة الطّريق، وذلك في سنة عشرين وثلاثمائة.


[١] أحجم الناس: تردّدوا وامتنعوا.
[٢] المستضيء: الخليفة العباسي، امتدت خلافته من/ ٥٥٥/ هـ إلى/ ٥٥٦/.
[٣] القولنج: مرض المفاصل كما عرف في ذلك الزمان.

<<  <   >  >>