للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح حال الوزارة في أيّامه

لما جلس المقتدر على سرير الخلافة أقرّ العباس بن الحسن وزير أخيه المكتفي على وزارته، فلمّا قتل العبّاس بن الحسين وجرت الفتنة بين المقتدر وبين عبد الله بن المعتزّ واستظهر المقتدر، أحضر ابن الفرات واستوزره.

[وزارة ابن الفرات]

قال الصوليّ [١] : هم من «صريفين» من أعمال دجيل [٢] ، قال: وبنو الفرات من أجلّ الناس فضلا وكرما، ونبلا ووفاء ومروءة. وكان هذا أبو الحسن عليّ بن الفرات من أجلّ الناس وأعظمهم كرما وجودا. وكانت أيّامه مواسم للناس وكان المقتدر لمّا جرت له الفتنة وخلع، وبويع ابن المعتزّ ثمّ استظهر المقتدر عليه واستقرّت الخلافة للمقتدر، وأرسل إلى أبي الحسن عليّ بن الفرات فأحضره واستوزره وخلع عله. فنهض بتسكين الفتنة أحسن نهض ودبّر الدّولة في يوم واحد وقرّر القواعد، واستمال الناس، ولم يبت تلك الليلة إلا والأمور مستقيمة للمقتدر، وأحوال دولته قد تمهّدت وفي ذلك يقول بعض شعراء الدّولة المقتدريّة:

ودبّرت في ساعة دولة ... تميل بغيرك في أشهر

(متقارب) وتولى ابن الفرات الوزارة ثلاث دفعات للمقتدر، قالوا: كان إذا ولي ابن الفرات الوزارة يغلو الشّمع والثّلج والكاغد، لكثرة استعماله لذلك، لأنّه ما كان يشرب أحد كائنا من كان في داره في الفصول الثلاثة إلا الماء المثلوج، ولا كان أحد يخرج من عنده بعد المغرب إلا وبين يديه شمعة كبيرة نقيّة. صغيرا كان أو كبيرا. وكان في داره حجرة معروفة بحجرة الكاغد، كلّ من دخل واحتاج إلى شيء من الكاغد أخذ حاجته منها.


[١] الصّوليّ: مؤرخ صاحب كتاب «الأوراق» في أخبار آل عباس وأشعارهم. وسبقت الترجمة له.
[٢] دجيل: منطقة في الأهواز باسمها نهر دجيل.

<<  <   >  >>