للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتطيّر [١] الناس من ذلك وقالوا: هذا مؤذن [٢] بنقض [٣] الدولة. فكان الأمر كما قالوا، واختلفت الأحوال عليه، واضطربت الأمور لديه، فاستتر، قالوا: لما أراد الاستتار قلع رأس مزمّلة [٤] وجلس فيها وأخرجت المزمّلة على أنها مزملة، وهو في وسطها وما زال مستترا حتّى ظهر وصودر ثم خلص [٥] .

وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

لما عجز الكرخيّ عن النّهوض بأعباء الوزارة واستتر، أحضر الرّاضي باللَّه سليمان بن الحسن بن مخلد واستوزره وخلع عليه خلع الوزارة. ثمّ إنّه عجز عن تدبير الأمور لتغلّب أصحاب السّيوف على المملكة. فلمّا رأى الخليفة الراضي عجز وزيره سليمان بن الحسن بن مخلد أرسل إلى ابن رائق [٦]- وهو أكبر الأمراء- فاستماله وسلّم الأمور إليه ورتّبه أمير الأمراء، وكلّفه تدبير المملكة فانضمّ إليه أمراء العسكر وصاروا حزبا واحدا، وحضروا بين يدي الخليفة، فأجلسهم فوق الوزير واستبدّ ابن رائق أمير الأمراء بالأمور، وولّى النّظار والعمال ورفعت المطالعات إليه، وردّ الحكم في جميع الأمور إلى نظره، ولم يبق للوزير سوى الاسم من غير حكم ولا تدبير. ومن تلك الأيام اضطهدت الخلافة العبّاسيّة، وخرجت الأمور منها، واستولى الأعجام والأمراء وأرباب السيوف على الدولة، وجبوا الأموال وكفّوا يد الخليفة وقرّروا له شيئا يسيرا وبلغة قاصرة، ووهن من يومئذ أمر الخلافة.


[١] تطيّر: تشاءم وتوقع شرّا.
[٢] مؤذن: منذر.
[٣] نقض الدولة: تهدّمها وزوالها.
[٤] المزمّلة: الجرّة أو الخابية.
[٥] خلص: خلا من المال.
[٦] ابن رائق: محمد بن رائق، قائد جيوش الراضي وأمير الأمراء، قتله ناصر الدين الحمدانيّ عام/ ٣٣٠/ هـ.

<<  <   >  >>