للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب خراسان، فأنزل عن الحمار، وخيط عليه جلد ثور قد سلخ في الحال وجعلت قرونه على رأسه، علّق بكلاب في حلقه، واستبقي في الخشبة إلى أن مات من يومه.

انقضت أيام القائم بأمر الله ووزرائه.

ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

وهو أبو القاسم عبد الله بن الذّخيرة بن القائم، بويع في سنة سبع وستين وأربعمائة.

كان المقتدي عالي الهمّة خبيرا بالأمور من أفاضل خلفائهم، واتّفق له مع السّلطان ملك شاه واقعة عجيبة: كان السّلطان ملك شاه قد قصد بغداد فوصلها في سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وقد تغيّرت نيته مع المقتدي، فأرسل ملك شاه إلى المقتدي يقول له: تخرج من بغداد وتسكن أيّ بلد شئت، فانزعج المقتدي من ذلك وطلب منه أن يمهله شهرا، فقال ملك شاه: ولا ساعة واحدة. وتردّدت الرّسل بينهما، ثم استقرّت الحال بواسطة تاج الملك أبي الغنائم وزير ملك شاه أن يؤخّره عشرة أيّام، فقال ملك شاه: يجوز، ففي عيد الفطر صلّى السّلطان وخرج إلى الصّيد فحمّ وافتصد [١] فتوفّي في نصف شوّال، وضبطت زوجته زبيدة خاتون العسكر بعد موته، واستقرّ مع المقتدي ترتيب ابنها محمود في السّلطنة، وعمره يومئذ ستّ سنين فخطب له وخلع [٢] المقتدي عليه، وخرج العسكر وخاتون وابنها محمود بن ملك شاه إلى أصفهان، وكفى الله شرّ ملك شاه المقتدي، وتوفّي المقتدي فجأة في سنة سبع وثمانين وأربعمائة.


[١] افتصد: أجري عليه الفصد، وهو شق العرق للاستطباب.
[٢] خلع عليه: أهداه الخلعة وهي لباس السلطنة أو الوزارة.

<<  <   >  >>